عيب عليك يا سي عبد الرزاق مقري

محمد إبراهيم

صعّدت حركة مجتمع السلم من لهجتها تجاه السلطة منذ اختيار القيادي السابق في الحركة، سليمان شنين، رئيسا للمجلس الشعبي الوطني، في قرار لم يعجب الحركة، التي كانت أول من انتقد الكيفية التي تمت بها تزكية خليفة معاذ بوشارب.
وفي هذا الصدد، ألمح رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إلى عدم قدرة الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي دعت السلطة إلى استحداثها لتنظيم والإشراف على العملية الانتخابية، على ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية، التي تبحث عن التوافق المأمول لتنظيمها.
وقال مقري في مقطع فيديو نشره على صفحته الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، السبت: “وجود على رأس الدولة شخصيات تؤمن بالديمقراطية وغير متورطة في الفساد والتزوير، هي ضمانة أكثر من الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات”.
وأضاف مقري: “الذي تم الاتفاق عليه في آخر المطاف هو ضرورة ذهاب الرموز والشخصيات السياسية للنظام قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية، هذا الذي تمت كتابته وتثبيته”، مشيرا إلى أن حركته ترفض التنازل عن مطلب ذهاب رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، لأن ذلك مطلب شعبي.

ويأتي هذا التصعيد السياسي من طرف رئيس حركة حمس بعد إنزعاجها من تعيين النائب سليمان شنين على رأس المجلس الشعبي الوطني حيث اعتبرت المجموعة البرلمانية لـ”حمس” أن الطريقة المتبعة لانتخاب الرئيس الجديد “هي ذاتها التي تم بها سحب الثقة من بوحجة وانتخاب بوشارب، ثم سحب الثقة من هذا الأخير بذات الأشخاص”، من خلال ما وصفه البيان بـ”ممارسات الإيعاز الفوقي، الذي جاء الحراك الشعبي لإنهائه، فلا يوجد أي مبرر لتغير المجموعة البرلمانية للحركة موقفها”.

وبالنسبة لرئيس البرلمان الجديد، اعتبره بيان المجموعة البرلمانية “رئيس أمر واقع مثل من سبقه، ولا تمثل تزكيته حالة ديمقراطية، إذ هو نتاج هِبة منحتها بقرار فوقي أغلبية برلمانية مزورة ومرفوضة من الشعب الجزائري

”.وتأسف العديد من المراقبين و المناضلين الوطنيين من ذلك الموقف المخيب الذي اعتبروه سقطة سياسية خطيرة من شأنها تقسيم المعسكر الوطني النوفمبري الباديسي في الوقت الذي هو بحاجة الى توحيد الصفوف و الجهود من أجل إفشال المؤامرة التي تحيكها قوى الكيان الموازي و حلفائها البربريست بتواطئ من الدوائر الإستعمارية و الصهيونية المعادية للجزائر و جيشها الوطني الشعبي

وحسب المراقبين لقد أخطأ مقري عندما ركز في تعامله مع هذه المسألة على الجانب الإجرائي الشكلي وندد بتعيين سليمان شنين بقرار فوقي متناسيٱ الظروف والرسالة السياسية التي أرادت تبليغها السلطة الفعلية عندما ساندت تعيين رئيس المجلس الشعبي الوطني من صفوف المعارضة المحسوبة على التيار الإسلامي ويبقى هذا الخيار رغم كل شيء الأقرب لطموحات الحراك الشعبي في إنتظار ما ستفرزه الإنتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة٠ من السهل أن ينتقد رئيس حمس أسلوب تعيين الرئيس الجديد للمجلس الوطني ولكن كان عليه أن يطرح السؤال ما البديل ؟ لو لا تدخل السلطة الفعلية التي وقفت في وجه أحزاب الموالاة لتمكنت هذه الأخيرة من فرض أحد مرشحيها بحكم أغلبيتها العددية داخل المجلس٠ أم المسألة ما هي في النهاية إلا مسألة كرسي ؟ المنافسة السياسية الشريفة ليست عيب ولكن يجب على الأحزاب التي تدعي الوقوف في الخندق النوفمبري الباديسي أن تعطي الأولوية الى المبادئ ومصالح الوطن والشعب قبل المناصب٠ إن معركة الإنتقال الى ديمقراطية إجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية معركة صعبة للغاية و تتطلب توحيد الصفوف الوطنية بجميع أطيافها. ويبقى الأستاذ عبد الرزاق مقري مطالبٱ بموقف أكثر رزانة و أكثر إنسجامٱ مع تطلعات القواعد الوطنية و الإسلامية العريضة