السلطة ماضية نحو الإنتخابات رغم صراخ أصحاب اللسان الطويل

يبدو أن السلطة ماضية نحو الإنتخابات رغم صراخ أصحاب اللسان الطويل والذراع القصير و من بين المؤشرات التي توحي بذلك إقدام عدة شخصيات سياسية لتسلم إستمارات الترشح للإنتخابات الرئاسية

ومهما حاولت الأقليات الثقافية و الإديولوجية من أجل تعطيل العملية الإنتخابية إلا أن المؤشرات الأولية تفيد بأن انتخابات 12 ديسمبر لن تعرف على الأرجح نفس مصير انتخابات 4 جويلية الملغاة، فالسلطة لحدّ الآن ضمنت مشاركة شخصيات معروفة يمكن من خلالها تأثيث الانتخابات الرئاسية ومنحها من ناحية الصورة شيئا من الألوان. ومن الواضح أن السلطة بكل مكوناتها، مُصرّة هذه المرة على المضي بالانتخابات إلى نهايتها، وهو ما تدل عليه خطابات رئيس أركان الجيش ورئيس الدولة ثم ما يظن أصحاب القرار أنهم قطعوه من أشواط بإطلاق “حوار وطني” وما تمخض عنه من إنشاء سلطة لتنظيم الانتخابات، وهي ضمانات تصر السلطة على أنها كافية للذهاب للانتخابات في أقرب وقت.

وقد انخرط إلى اليوم، رسميا، رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس،  في المسار الانتخابي المرسوم بإعلانه توجيه رسالة إلى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، يعلمه فيها نيّته تكوين ملف لانتخاب رئيس الجمهورية. وأوضح بن فليس أنه سيقوم بسحب مطبوعات الاكتتاب الفردية، في انتظار أن تفصل دورة اللجنة المركزية لحزبه رسميا في قرار المشاركة، وهو إجراء يبدو شكليا إذ تشير كل المعطيات إلى هذا الحزب قد قرر المشاركة في الرئاسيات، من الوقت الذي استقبل فيه هيئة الحوار والوساطة ثم الثناء على عملها واعتبار أن الظروف باتت مواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية بعد تشكيل سلطة تنظيم الانتخابات. ويُعتبر بن فليس من الشخصيات المُراهن عليها بقوة، نظرا لمساره السياسي في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لدرجة أن بعض القراءات رأت في كل ما تمّ سواء من حيث الإجراءات أو الشخصيات التي أعيد استدعاؤها للمشهد، مغازلة لعلي بن فليس لإقناعه بدخول السباق الانتخابي،

غير أن هذا الطرح القائل بأن بن فليس سيكون مرشح النظام المقبل، تراه قراءات أخرى مستبعدا للغاية، إذ لا يزال في خزانة السلطة من هم أكثر وفاء وضمانا من رئيس الحكومة سابقا. وتتردد أنباء منذ فترة عن احتمال أن يترشح عبد المجيد تبون الذي أقيل من منصبه كوزير أول في ملابسات معروفة أكسبته بموازين القوى التي كانت سائدة ذلك الوقت بعض التعاطف، وهو رصيد قد تراهن عليه السلطة في تلميع تبون ووضعه في السباق. كذلك، يجري الحديث عن احتمال دخول مقداد سيفي رئيس الحكومة سابقا زمن اليامين زروال، سباق الرئاسيات، شأنه في ذلك شأن أسماء أخرى. وكلما اقترب الزمن من الرئاسيات، كلّما اتضحت الصورة أكثر، إذ كانت الانتخابات الرئاسية منذ التعددية في البلاد، سهلة جدا من ناحية الفرز والقراءة في من هو مرشح السلطة الذي يحظى بكل حظوظ الفوز ومن هو موجود للديكور فقط. 

وإذا كان ترشح بن فليس حدثآ مهمآ في انتظار باقي “الأوزان الثقيلة”، فإن السلطة لم تجد عناء في إقناع آخرين بالترشح يمكنهم أن يصلوا إلى مرحلة السباق النهائية، على غرار عبد العزيز بلعيد  رئيس جبهة المستقبل الذي كان من أكثر المتحمسين للرئاسيات حتى في فترة ذروة الرفض الشعبي في جويلية الماضي، وهو يملك خبرة في هذه المنافسة بعد احتلاله المرتبة الثالثة في رئاسيات 2014. كذلك من التيار الإسلامي، يوجد عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني الذي يبدي استعداده الكامل في كل مرة لدخول السباق. وتبقي حركة مجتمع السلم، من جهتها، على “السوسبانس” إلى آخر لحظة في توضيح موقفها، مع وجود ترجيح بإمكانية أن تدخل برئيسها الحالي عبد الرزاق مقري عند القراءة ما بين سطور بيان مكتبها الوطني الأخير. وإلى أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود، لا يزال “الفضوليون” الذين ألفهم الجزائريون، يتوافدون على سحب استمارات الترشح بنفس الكوميديا التي طبعت انتخابات 18 أفريل، مع تغيير العنوان فقط من وزارة الداخلية إلى مقر سلطة تنظيم الانتخابات بقصر الأمم.