حسان زهار يفضح المتاجرين بنوفمبر

عندما يتاجر أعداء “النوفمبرية” بنوفمبر

بقلم حسان زهار

ها هم أعداء النوفمبرية، الذين لطالما أعلنوا كفرهم بنوفمبر وبيان اول نوفمبر،  وأظهروا عداءهم لرموز الثورة من الشهداء ، يستعدون لاستغلال ذكرى الفاتح من نوفمبر، بالدعوة الى تنظيم أكبر تظاهرة “مليونية”.

الذين ظلوا يهاجون النوفمبريين والباديسيين، ويطردونهم من المسيرات، باعتبارهم “ميكروب” وطني يجب التطهر منه، أعلنوا أخيرا أن ذكرى الفاتح من نوفمبر، تاريخ اندلاع الثورة التي تزعجهم، وتاريخ البيان الذي يقض مضاجعهم، ستكون موعدا لاسترجاع أنفاسهم، وضرب ضربتهم الاخيرة ، في سبيل تعطيل مشروع الانتخابات وفرض خطتهم لاسترجاع الحكم الذي ضاع منهم.

دعوات مجنونة للتحشيد،  مؤامرات واجتماعات سرية ، استقطاب للنقابات واستغلال الظروف الاجتماعية والمهنية لشرائح واسعة من المجتمع، تحريك كل ادوات الدولة العميقة التي كانوا يعدونها في الماضي لمثل هذا اليوم، قبل الدخول في معركة يعدونها حاليا “أم المعارك”.

عمليات تسخين البندير لهذا اليوم الموعود تجاوزت حدود المعقول،  ولم تكتف هذه الاطراف باستغلال حركة القضاة، ولا اساتذة التعليم في مختلف الاطوار،  ولا  القيام باستيراد المتظاهرين الى العاصمة من مختلف الولايات،  ولا التخطيط لإضراب في قطاع البنوك قد يمتد إلى “البنك المركزي”، بل وصلت الأمور الى حد التلويح  بالعنف (عملية تكسير زجاج حوالي 40 سيارة في قلب العاصمة، لا يمكن اختزالها في عصابات الباركينغ)، في رسالة واضحة ان دعاة السلمية  قد بدأوا يشعرون بالإفلاس، وهم يرون قطار الانتخابات قد تحرك من دونهم، فقرروا  الكشف عن وجوههم الحقيقية.

أعداء نوفمبر إذن قرروا  المتاجرة بنوفمبر، لعلهم يعيدون الروح لأرضية الصومام.

فعلوا ذلك كثيرا  في الماضي، عندما عطلوا عبر كل مراحل الجزائر المستقلة، تفعيل بيان اول نوفمبر ببناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الاسلامية.. ويفعلون ذلك الان صراحة وهم يرفضون  رؤية جزائري واحد يحمل الشعارات النوفمبرية، او صور الشهداء ، واتهامهم مباشرة بانهم اتباع الدولة.

انهم يتحركون اليوم ليس حبا في نوفمبر ولا في مبادئ نوفمبر، وانما يتحركون لضرب مبادئ نوفمبر باسم نوفمبر!

ذلك أنهم أدركوا حجم الفشل الذي وقعوا فيه..فقد حاولوا استغلال كل المناسبات والمحطات والحركات والقرارات لصالحهم.. وفشلوا فشلا ذريعا لأن الشعب الحقيقي، وليس الشعب المصطنع،  كشف حقيقة المتاجرين بالديمقراطية، والمتاجرين بحرية التعبير، والمتاجرين بالدولة المدنية، كما يدرك اليوم حقيقة المتاجرين بنوفمبر.

وهم يسخنون الان بندير الفاتح من نوفمبر.. الجميع رأى وشاهد كيف تمزق من قبل بندير ذكرى عيد الاستقلال، وكيف تمزق بندير “قانون المحروقات”، وكيف تمزق بندير (لقاء بن صالح \ بوتين)، وكيف تمزق بندير غلق الكنائس… لقد ضربوا الدفوف طويلا، ورقصوا  حتى سقطوا من التعب، لان الشعب كان في واد وهم في واد اخر.

الآن يعودون إلى نوفمبر الذي يكرهونه، وهم يعتقدون أن البندير الذي خصصوه لهذه المناسبة العظيمة في تاريخ البلاد، سوف يتحول الى طبل كبير ، لإحداث أكبر قدر من الضجيج .. ففي النهاية هم لا ينتجون البدائل ابدا.. عندما تسألهم ما هو البديل الموضوعي عن الانتخابات، يفشلون في الرد ، يسقط من ايديهم التي تعودت ضرب البندير الافكار والمنطق، ولن يكون أفضل رد لديهم خارج دائرة القول أن البديل في “الشارع”.

الشارع هو البديل هو عن الصندوق، نظرية آيت العربي هي البديل عن الشعب..

الصراخ هو البديل.. الضجيج هو البديل.. ضرب البندير.. وقرع المهاريس هو البديل ..

ويوم يتقطع هذا البندير قريبا، ويتفرق المداحة، حينها سيكتشف تجار التاريخ أنهم سائرون إلى “مزبلة التاريخ”.

المصدر : الشروق