المستشارة توام حدة تستقيل من مجلس نقابة القضاة

اصدرت المستشارة توام حدة عضو المجلس الوطني لنقابة القضاة عن المحكمة الإدارية بسطيف بيان تعلن فيه عن استقالتها من النقابة.وتتهم فيه بعض المسؤولين داخل النقابة بممارسات مخلة بالقانون و بأخلاقيات المهنة وأكدت شهادة المستشارة ما جاء في بيانات وزارة العدل التي نددت بإضراب القضاة المنافي للقانون وبالممارسات الطائشة التي قام بها بعض القضاة المتهورون وفيما يلي النص الكامل لبيان المستشارة :

السلام عليكم و بعد
ترددت طويلا قبل ان اتدخل في هذا المنبر نظرا لما بلغناه من مستوى التراشق بالزعامات و التخوين و مصادرة للرأي المخالف تحت طائلة العقاب و القوائم السوداء و غيرها من الردود الصادمة التي لا تمت للقاضي بصلة .غير أنني آثرت ان أدلي برأيي و أتحمل مسؤوليتي أمام التاريخ باعتبار ان التاريخ حاضر بقوة بيننا هذه الايام !

و عليه زميلاتي زملائي لقد التحقت بالنقابة الوطنية للقضاء بمحض الصدفة و في الظروف المعروفة و كلي عزم و أمل في غد أفضل للقضاء الجزائري و زاد هذا الأمل لما رأيت من بيننا قضاة شباب شجاع, مندفع ,مستعد لدفع اغلى الأثمان من أجل الغد الافضل .
لكنني رأيت في نفس الوقت زملاء آخرين يسعون سعي الوحوش في البرية من أجل الظفر بالمكاسب المادية الآنية و وقفت على حقائق صادمة و تنسيقا غير عادي بين بعض أعضاء المجلس الوطني للتصعيد مباشرة بعد انتخاب السيد النقيب و حاربت التكتلات و محاولات الانقلاب على الديمقراطية في نقابتنا الفتية بكل الطرق و كل كتاباتي و تدخلاتي تشهد على ذلك و قد كان دعمي اللامشروط للسيد النقيب و لمكتبه التنفيذي من باب إنجاح التجربة الديمقراطية في حد ذاتها بغض النظر عما كنت افكر فيه و عن رأيي في تشكيلة المكتب التنفيذي و لا في طريقة عمله خضوعا للديمقراطية دائما .
غير انني كنت اغرد خارج السرب ..

حاولت يائسة بكل تدخلاتي في ملتقى الاعضاء الاصليين للمجلس الوطني ان اغلب صوت الحكمة و الرزانه و عدم الانجرار نحو التهور و التحرك غير المدروس, و ألا نتصرف كالفئات الشغيلة التي تتصيد اوقات “ما يعتقد أنه ضعف في مؤسسات الدولة” من أجل تحقيق المكتسبات المادية و أن نتصرف كسلطة واعية بالتحديات التي تواجه استمرار الدولة الجزائرية و ان نتعالى على جراحنا حتى لا يسجل علينا التاريخ أننا انتهازيون خذلنا وطننا في أحلك الأوقات لكن دون جدوى!

جاءت الحركة بكل ما جاءت به من أضرار و تعالت أصوات المتضررين الذين انقسموا بين :

_من حرم من منصب كان موعودا به حسب زعمه او هكذا كان يرى هو على الأقل ,
_و بين من كان يعتقد ان قواعد التقادم المكسب تسري على المناصب و رفض التنازل عن حقه في ملكية المنصب ,
_و بين من كان ضحية اخطاء فادحة شابت حركة طالت نصف قضاة الجزائر أنجزت في وقت وجيز تمت بمعايير تم اعلامنا بها من قيادة النقابة قبل إطلاقها ليتبين فيما بعد عدم صحتها حسب المعنيين بها .

و هنا يكمن الخلل :
أكتشفت انه و مباشرة بعد الاعلان عن الحركة بدأت اصوات تتعالى و تدعو إلىالتصعيد و التوقف عن العمل و صعقت من الاسماء !!!!
أقسم بأغلظ الأيمان اني لم اسمع لها صوتا منذ انتهاء الانتخابات و لو بصباح الخير !!!ثم أراها فجأة تدعو الى الإضراب و بالتاريخ الثوري وووو و.
و صمت الآذان عن سماع الرأي الآخر و عقد اجتماع وطني “حسب مزاعم من يختفي وراءه ” و لم أدعى إليه, مع كثيرين من أعضاء المجلس الوطني و اتهمت بالعمالة و الاجندات وووو و اعتقدت لوهلة اننا في حرب !!!!حرب مع من ؟؟و ضد من؟؟؟و لحساب من ؟؟؟؟ هذا ما ستكشفه الأيام لا محالة .

عارضت التوقف عن العمل و عارضت شكل البيان الصادر عن النقابة و قلت لمن استأثر باتخاذ القرار خرقا للقانون أني” لست من يقدم الخدمات لمن جرد من منصب او لمن حرم من منصب “.
غير أنني التزمت بالإضراب و جاهرت بذلك داخل المجلس الوطتي و ذلك إيمانا مني بروح التضامن و مساندة لباقي الزملاء في موقفهم بغض النظر عن معارضتي الشديدة له لعدة أسباب:

أولها : ان النظال كر و فر . و كان واجبا علينا كنقابه وطنية ألا نتصرف تحت الضغط الجماهيري الحاضر بمقر النقابه يوم السبت” الأسود “و أن نجمع الحالات المتضررة فعلا من الحركة و نراسل رئاسة الدولة بشأنها في ظرف 24 ساعة بأقصى تقدير .و هو ما فعلته النقابة متأخرة جدا كما هو ثابت من بيانها الموجه لرئيس الدولة .

أقول متأخر جدا, لأننا تصرفنا و كأن لا سلطة في البلاد تعلو سلطة التهور و اقررنا إضرابا لم يسبقنا إليه قوم من قبل و من ثمة ذهبنا نستجدي تدخل رئيس الدوله لينصرنا على وزير العدل !!!!

_ثانيهما :كان علينا ان نستخدم قوة الاندفاع لدى القضاة الشباب بشكل إيجابي بتنسيق وقفات على مستوى المجالس تصل من خلالها رسالة واضحة باتحاد القضاة و إصرارهم على المطالب المشروعة و نستغل هذا الاتحاد لتحقيق المكاسب بأقل الخسائر و دون أن ندخل في نفق مظلم لا أفق له سوى رسائل السب و الشتم و التهديد و الوعيد !!

_ثالثها : أن من هندس التوقف عن العمل و زج بغيره فيه زجا تحت طائلة تخوين من لا يساند ,كان قبل يوم من الحركة من أكبر المستفيدين من النظام القضائي القائم .
و بعد ان حرم منصبه الذي شغله لسنوات طوال ,أصبح كالأسد الجريح الذي يقاتل بكل ما أوتي من قوة للبقاء و لو كلفه الأمر الوطن بأكمله !! فضلا عمن كان يرى نفسه أحق من غيره بالمنصب و راح يندفع اندفاعا نحو التصعيد بكل الاشكال و وصلنا إلى يوم سمعنا فيه قضاة يعلنون صراحة أن الحركة سيعاد دراستها و بأن النقابة ستمنح المناصب لمن يستحق !و تجرد منها من يستحق !!!!!!!!!!
ثم بلغنا يوما آخر يخرج فيه بعض القضاة مجاهرين بكل الجرائم من سب و تهديد و تحريض على العنف بشكل علني في وقت تلتزم فيه النقابة الصمت إلا عن بعض الدعوات المحتشمه بالتهدئه!!!!!!!
ما هذا ما هذا ما هذا ؟؟؟؟؟؟
كيف لقاض يطبق القانون ان يخرق القانون ؟سيقول البعض منكم فليحترم غيرنا القانون .و أجيبه .نعم عليه ان يحترم القانون لكنه غير ملزم بذلك لأنه سلطة تنفيذية سياسية لكن نحن قضاااااااااة نحن حماة الحمى!!!نحن نسلك الطرق القانونيه ؟؟؟ نحن من يفصل بين السلطات في النزاعات .كيف لنا ان نخرق القانون و بهذه الأشكال و بهذا العنف ؟؟؟اتعتقدون انه ستقوم لنا قائمة بعد ما فعله السفهاء منا ؟؟؟اتعتقدون أن الهدف الحقيقي هو فعلا التضامن المهني ؟؟واهم من يعتقد هذا و لينظر إلى من حوله من المحرضين ليعرف الإجابة .
لكن اسمعت لو ناديت حيا …لن يسمعني من تورط إلى أذنيه في السياسة و ارتأى أن يكون مطية لتحقيق أغراض لا علاقة لها بحقوق القضاة و لا باستقلالية القضاء .فكيف نطالب بمراجعة القانون على بعد أقل شهر من الانتخابات الرئاسية ؟؟؟ كيف يخرج منا من يطالب بانضام امناء الضبط و المحضرين القضائيين و طلبة الحقوق. و المحامين و “الحشود” للقضا ء على “زغماتي”كيف سنرد جميل هؤلاء جميعا من أجل مساندتهم لنا ؟ اليس بخسارة استقلاليتنا ؟أليس بخسارة هيبتنا ؟ و في بيان المحامين الصادر يوم أمس خير دليل على ما أقول .
لماذا لم ننجز قائمة بالمتضررين فعلا من الحركة و نسارع إلى فتح قناة اتصال مباشر مع رئيس الدولة من أجل تدارك الأخطاء و في نفس الوقت ننظم وقفات ؟
لماذا نطالب برحيل وزير العدل و الرئيس الجديد ستكون له حكومة جديده بعد شهر من الآن ؟؟؟؟
لماذا لم تدعو النقابة صراحة الى الترفع عن التصرفات اللاأخلاقية لبعض القضاة المتهورين ؟؟؟؟؟
لماذا يصدر بيان بالوعيد و التهديد اليوم بالذات ؟؟؟؟و ما مضمون هذا التهديد ؟؟بماذا نهدد ؟؟ أباستعمال العنف الجسدي لمنع عمليات تنصيب من انتظر منصبا منذ سنوات طويلة عجاف ؟؟؟؟أم بإضرام النار في الإطارات و غلق الطرقات ؟؟؟؟
إننا نتخبط نتخبط و نتخبط .
و هنا اخاطب من أعرفه جيدا و من لا يمكنه لو يجمعني لقاء علني به أن ينكر ما سأنعته به و أقول له :
القاضي الشجاع لا يتحرك تحت غطاء الفوضى المفتعلة و في وقت يعتقد بفكره البسيط المتواضع “انه مناسب لضرب الدولة و تحصيل الحقوق ” القاضي الشجاع يفاوض و يناظل ضد دولة المؤسسات المنتخبة و في ظروف هادئة و يفرض منطقه بالقانون و لا يناظل سوى تحت سقف القانون .
اما من يدق طبول التهور و يزرع الفوضى فليس جديرا بالنظال و لا يسعى سوى إلى تحقيق مآرب شخصية ضيقة لن تتحقق في جميع الأحوال و ستعود علينا بالوبال !!!!
فوالله و تالله و بالله لو أن أشخاصا بعينهم نالوا المناصب التي كانوا يصبون إليها لخرجوا علينا مع كل ما جاء في الحركة من عيوب ,بخطابات التهدئة و احترام واجب التحفظ ووووو .

مانديلا قبع في السجن 27 سنة و لاقى كل أصناف العذاب صبرت فيها معه زوجته ويني مانديلا و عانت ما عانته دون ان تتخلى عنه .غير انه و بعد انتصار ثورته و توليه الرئاسة طلبت منه زوجته و رفيقة دربه ألا يسلك طريق التسامح مع البيض و ان ينتقم لها و لغيرها منهم .لكنه و لأنه رجل دولة رفض طلبها و انفصل عنها خضوعا منه لمبادئ دولة القانون و إيمانا منه بأن استقرار البلاد فوق كل اعتبار !!!!!

أنا لا أعطي الدروس لأحد لكنني أدلو بدلوي كما أدلى به الكثيرون و لا اتوجه به سوى لمن يناظل حقا من أجل قضاء كفء مستقل !!!
و لأن التيار الجارف هذه الأيام لا يستثني أحدا فإنني ارحب بكل نقد محترم, منبهة أني من القضاة الذين يؤمنون بأن القانون يجب ان يطبق على الجميع. و عليه فإنني أنبه من تعود ممارسة السب و القذف طريقا للنقد دون رادع ,أنه سيدفع الثمن طبقا للقانون في حال سلك هدا الطريق في نقده لرأيي و لا ارجو ان أوضع في مواضع لا اتمنى ان اكون فيها في مواجهة زملاء لي .
تحيا الجزائر رغم الداء و الاعداء و الله المستعان .

توام حده .
عضو مجلس وطني عن المحكمة الإدارية سطيف سابقا (لأنني اعلنت استقالتي من المجلس يوم اقرار التوقف عن العمل )