الجزائر تسترجع رفاة شهدائها في إنتظار إسترجاع سيادتها الكاملة

بقلم محمد إبراهيم

تشكل إستعادة رفاة شهدائنا الأبرار مكسبآ وطنيآ غاليآ يشكر عليه كل من ساهم في تحقيقه من قريب أو من بعيد٠ الرئيس تبون حقق من خلال هذه العملية إنجازآ سياسيآ مهمآ ولكن من واجبنا التذكير بأن المفاوضات في هذا الموضوع بدأت في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وفي نفس الوقت علينا أن نعترف بالتعاون الذي أبداه الرئيس الفرنسي إيمانوال ماكرون في هذه المسألة الحساسة
ذلك التعاون الذي يبقى بطبيعة الحال مرتبطآ بمحاولة الدفاع عن المصالح الفرنسية في الجزائر
نبارك أنفسنا بمناسبة هذا الحدث الجليل وكلنا خشوعآ أمام أرواح شهدائنا الأبرار وفي نفس الوقت لا يمكننا تجاهل الحقيقة المرة التي يحاول الإعلام السائد طمسها والمتمثلة في كون الجزائر لا تزال 58 سنة بعد الإستقلال منقوصة السيادة على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية الثقافية٠
نعم شهداء المقاومة الشعبية عادوا الى أرضهم الطيبة ولكن علينا أن نتصور حسرتهم الكبيرة أمام مظاهر الإستلاب الثقافي الرهيب الذي تتباهى به للأسف الشديد النخب النافذة في الإدارة والإقتصاد والإعلام و”المعارضة”.
كيف يمكننا أن نرحب بشهدائنا الأبرار في وطن لا تزال فيه النخب الحاكمة تستعمل اللغة الفرنسية كلغة رسمية في المرافق والمناسبات الإدارية والإقتصادية الهامة ؟
كيف يمكننا أن نرحب بشهداء الزعاطشة وغيرهم من شهداء الهضاب العليا والجنوب وهذه المناطق تعاني من التهميش الممنهج في إطار سياسة تنموية غير متوازنة وغير متكافئة تنفذها نخب متشبعة بعقلية بيروقراطية فئوية وجهوية مقيطة ؟

كيف يمكننا أن نرحب بشهدائنا الأبرار والجزائر لا تزال بعد أكثر من نصف القرن من الإستقلال يعاني إقتصادها من التبعية للمحروقات في ظل سياسة إقتصادية ريعية خططت لها أقليات ثقافية وإديولوجية تستمد قوتها من التحكم في سلسلة إنتاج وتوزيع الريع النفطي ومن علاقاتها الخارجية مع الدوائر الإستعمارية الجديدة والتي عرقلت ومازالت تعرقل التوجه نحو منظومة إقتصادية متنوعة من شأنها تشجيع بروز نخب جديدة ذات قاعدة شعبية عريضة تنافس النخب الأقلياتية والجهوية الضيقة ؟
كيف يمكننا أن نرحب بشهدائنا الأبرار الذين كانوا يستمدون قوتهم المعنوية في مقاومة الإستعمار الغاشم من إيمانهم الراسخ بالله في وطن تدنسه نخب نافذة تعارض بين الإيمان والمواطنة و بين البسملة والحداثة ؟
كيف يمكننا أن نرحب بشهدائنا الأبرار في وطن لا تزال تختطفه أقليات ثقافية وإديولوجية تطالب أجنحتها المتطرفة بطرد كل من بقي متمسكآ بهويته العربية الى اليمن ؟