“فورين بوليسي” تكشف التحديات التي سيواجهها الهحوم البري الإسرائيلي على غزة
ذكرت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية أنّ “إسرائيل” ستواجه تحديات ومعوقات جديدة مع تحولها من نهج الهجوم الجوي إلى نهج تشارك فيه قواتها البرية في غزة، ينطوي بعضها على مخاطر على القوات الإسرائيلية، بينما يتعلق البعض الآخر بأهداف استراتيجية أوسع.
وأوردت المجلة أنّ هذه التحديات ربما تكون سبباً في تأخير غزوٍ واسع النطاق لغزة، وقد تدفع القادة الإسرائيليين إلى الحدّ من نطاق وحجم العمليات العسكرية بطرق أخرى أيضاً.وبحسب المجلة، فإنّ التحدي الأول هو “طبيعة القتال ذاتها”، موضحةً أنّ “غزة مبنية ومكتظة بالسكان، حيث يبلغ عدد سكانها لكل ميل مربع ما يماثل سكان لندن. وفي شوارعها الضيقة والمباني المكتظة، يتم تحييد العديد من المزايا التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في السرعة، والاتصالات، والمراقبة، وقوة النيران بعيدة المدى”. وأشارت إلى أنه “بدلاً من ذلك، سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تفكيك قواته، التي ستصبح بعد ذلك عرضة لمجموعات صغيرة من مسلحي حماس”، مضيفةً أنّ “الأنقاض التي خلّفها القصف الإسرائيلي توفر فرصاً لمجموعات صغيرة من المقاتلين لإيجاد غطاء ضد القوات الإسرائيلية، وإقامة مواقع للقناصة، وزرع الأفخاخ المتفجرة”. ولفتت إلى أنّ “الجيش الأميركي وجد أنّ العمليات في المناطق الحضرية في الفلوجة بالعراق صعبة ومدمرة للغاية، ومن المرجح أن تكون غزة أصعب”. هذا واعتبرت “فورين بوليسي” أنّ القتال في الأنفاق “كابوس”، ونقلت عن الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل، قوله في هذا الصدد: “سيكون الأمر كذلك.. قتال دموي ووحشي”. ووفق ما تابعت: “قد يستخدم مقاتلو حماس الأنفاق للظهور خلف القوات الإسرائيلية، أو نصب كمين لهم أو حتى أسر المزيد من الرهائن. وقد حاولت إسرائيل قصف هذه الأنفاق، لكن من الصعب العثور عليها وتدميرها من الجو”. وأشارت المجلة إلى أنّ “إسرائيل تسعى إلى تدمير حماس، وهو ما يعني عملياً قتل قادتها. ومع ذلك، فقد ثبت أنه من الصعب العثور عليهم”.
وأوضحت أنّ “إسرائيل نجحت في الماضي في استهداف حماس وزعماء آخرين، ولكن هذه كانت عملية بطيئة”، لافتةً إلى أنّ “حتى احتلال شمال غزة يعني أنّ إسرائيل لن تسيطر على أجزاء كبيرة من القطاع، مما يسمح لقادة حماس بالاختباء هناك”.وتابعت أنه “على الرغم من أنّ مصالح إسرائيل الاستراتيجية ورغبة قادتها في تهدئة الرأي العام المصدوم والغاضب سوف تشكل العوامل الأساسية التي تحدد العمليات العسكرية، إلا أنه يتعين على قادة إسرائيل أيضاً أن يهتموا بالرأي العام الدولي، وخاصة الرأي العام الأميركي”. ووفق المجلة، فإنّ الأهم هو الرأي الأميركي، موضحةً أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته “احتضنا إسرائيل علناً، لكن يبدو أنهم يحثون سراً على ضبط النفس”. وأكدت أنّ المسؤولين في واشنطن “يشعرون بالقلق إزاء المخاطر التي يتعرض لها الرهائن الأميركيون وخطر انتشار الصراع في جميع أنحاء المنطقة وتهديد القوات الأميركية وحلفائها”، موضحةً أنه “مع تصاعد هذه المخاوف، قد تتزايد الضغوط الأميركية على إسرائيل للحد من عملياتها”. واعتبرت المجلة أنّ “مخاوف الولايات المتحدة لها ما يبررها، إذ من الممكن أن تمتد هذه الحرب من إسرائيل وغزة إلى معظم أنحاء الشرق الأوسط”. ولفتت إلى أنّ “حزب الله هدّد بالفعل بالانضمام إلى المعركة وكثف هجماته على “إسرائيل” من لبنان، وتتزايد الاضطرابات في الضفة الغربية، وأطلق الحوثيون في اليمن صواريخ على “إسرائيل”، فيما عانت القواعد الأميركية في الشرق الأوسط من هجمات أيضاً”.
كذلك، حذّرت “فورين بوليسي” من أنّ “حرباً أوسع يشارك فيها حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة من إيران، من شأنها أن تشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل، وتضر بالعديد من المصالح الأميركية. ولكن إذا وجهت إسرائيل ضربات قوية وانسحبت ببساطة، فإن حماس سوف تؤكد نفسها من جديد، دون أن يكون هناك من ينافس سيطرتها”، بحسب ما تابعت.وأكدت المجلة أنّ “الغضب في إسرائيل شديد السخونة، ويطالب بتدمير حماس، ولكن القادة الإسرائيليين يدركون أن العمليات سوف تكون محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي بسهولة إلى نتائج عكسية”.كما اعتبرت أنّ “خطر وقوع المزيد من الضحايا الإسرائيليين ومخاوف أخرى ربما تدفع البعض في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك رئيس الوزراء نفسه، إلى التحرك بحذر” .ورأت المجلة أنّ “النتيجة النهائية قد تتضمن بعض العمليات البرية، ولكن من المرجح أن تكون نهجاً أكثر حذراً بشكل عام من الغزو الشامل والاحتلال طويل الأمد”.ولفتت إلى أنّ “مثل هذا التوجه لن يدمر حماس، بل إنه سوف يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف إسرائيل والمزيد من المعاناة على الجانب الفلسطيني، ولكنه من شأنه أن يسمح لزعماء إسرائيل بالتقليص من العديد من المعضلات الأكثر صعوبة التي يواجهونها في غزة”.