هل تنجح الجزائر وروسيا في تقريب مواقفهما إزاء ما يحدث في الساحل ؟

الموقف ـ إستئناف المواجهات المسلحة بين الجيش المالي وحلفائه في مجموعة فاغنر الروسية من جهة والحركات الإنفصالية الأزاوادية من جهة ثانية على الحدود الجزائرية أمر يقلق الجزائر نظرآ لتداعياته المباشرة على الأمن القومي الجزائري والأمر يعد أكثر خطورة في ظل تضارب المواقف بين الجزائر و “شريكها الإستراتيجي” الروسي إزاء الأزمات التي تشهدها منطقة الساحل.

يشكل إستئناف الحرب في مالي تحديآ أمنيآ ودبلوماسيآ خطيرآ بالنسبة للجزائر التي تجد نفسها أمام معضلة إقناع الفرقاء الماليين بضرورة العودة الى إتفاقية السلام ولكن مثل هذه المهمة لن تكون سهلة مادام النظام العسكري المالي بامكانه الإعتماد على الدعم العسكري الروسي ضد الحركات الأزاوادية المسلحة. ويبقى السؤال مطروح حول قدرة الشريكين الجزائري والروسي على تجاوز خلافاتهم فيما يتعلق بملف الساحل ووالملف الليبي حيث يعتبر تواجد مجموعة فاغنر بجانب جيش خليفة حفتر نقطة خلاف بين الجزائر وروسيا. الموقف الروسي في ليبيا والساحل يتناقض تمامآ مع التحليلات والتصريحات التي يدلي بها المسؤولون والخبراء الروس في عدة مناسبات.

خلال مائدة مستديرة تحت عنوان “إشكاليات الامن الدولي في شمال افريقيا”، نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، بمناسبة الزيارة التي قام بها وفد من مركز بريماكوف الروسي للتعاون الدولي الى الجزائر في شهر فيفري الماضي إعتبر خبراء روس أن الجزائر دولة محورية وإستراتيجية في إفريقيا، للوساطة من أجل حل وتسوية الأزمات في القارة، لا سيما في منطقة الساحل. و أكد بالمناسبة الخبير في العلاقات الخارجية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمركز بريماكوف، نيكولاي سيركوف:، ” بأن بلاده في ظل التهديدات، خاصة الامنية، التي تعاني منها القارة، تسعى للتعاون مع دول المنطقة لإيجاد مقاربات جديدة تخرج عن النمط الكلاسيكي، بهدف تطوير علاقات شاملة معها، من خلال توسيع شراكاتها لتشمل الجانب الاقتصادي والتنموي لضمان الاستقرار في المنطقة، خاصة في مجال الامن الغذائي”.

و شدد السيد سيركوف أن الجزائر، “كدولة محورية و استراتيجية في افريقيا، يمكنها ان تلعب دورا رئيسيا في المنطقة لا سيما في الساحل، كوسيط لإيجاد الحلول وتسوية الازمات”. و يرى الخبير ان روسيا والجزائر “تمتلكان العديد من الامكانات والمؤهلات لتعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية بينهما في العديد من المجالات، كالاقتصاد والتجارة والسياسة والتعليم”، وأضاف الخبير الروسي : “الجزائر لديها فهم واقعي للأحداث ويمكنها ان تشكل منبرا جيدا للتعاون والشراكة”، اضافة لكونها تلعب “دورا جد مهم في السوق الدولية، فهي شريك جد مهم في العديد من اشكال التعاون الاقتصادي والطاقوي”.

من جهته، تطرق مدير مركز الدراسات العربية والاسلامية، نائب المدير العلمي لمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فازيلي كوزنيتسوف، إلى التحديات الامنية والاقتصادية في افريقيا وبالخصوص في شمال القارة، وما تعرفه المنطقة من تغيرات مناخية ومشكلة الجفاف، اضافة الى بنية المجتمع في حد ذاته وتغير النسيج الاجتماعي. و أشار الخبير الروسي الى “قوة الجزائر خاصة في مجال الوساطة وتسوية الازمات، والتي اثبتت نجاعتها في منطقة الساحل” على ضوء هذه التصريحات الصادرة عن خبراء قريبين من دوائر صنع القرار في موسكو يجزم المراقبون بأن قيادتي البلدين ستنجان في تقريب موقفهما من الأزمة السياسية والأمنية التي تشهدها دولة مالي ومنطقة الساحل.