الباحث التونسي البشير الجويني يلقي الضوء على الأحداث الجارية في ليبيا

الموقف ـ في حوار مع الزميلة “الشروق” تطرق الباحث التونسي المختص في الشأن الليبي البشير الجويني الى الأحداث الجارية في طرابلس والتي تشكل حسب المراقبين منعطفآ حاسمآ في الصراع الدائر في ليبيا والذي سيكون له تداعيات مباشرة على الأمن القومي التونسي والجزائري.
ويتحدث الجويني الذي ألف كتاب “ليبيا العميقة… حتحات على ما فات”، خبايا صراع القوى الكبرى في العالم والشركات المتعددة الجنسيات على التراب الليبي ويقول بأن ما حصل في الأيام القليلة الفارطة في طرابلس، “يعود إلى التحشيدات التي لوحظت سواء التي خرجت من مصراتة بشرق طرابلس أو من مدينة الزاوية غربها، وهي تحشيدات بدأت مطلع شهر ماي، وكان واضحا أن شيئا ما يحضر”. والأمر بدأ عندما تم القبض على رئيس إحدى مؤسسات الاتصالات المعروفة بعوائدها المالية الكبيرة ثم تلته مواجهات بين كتيبتين الأولى كتيبة 444 بقيادة محمود حمزة و آلكتيبة التي يقودها عبد الغني الككلي المعروف بـ”غنيوة” الذي كان يتولى منصب قائد جهاز دعم الاستقرار، والتي انتهت بمقتله. وبعد هذه الأحداث اتخذت حكومة الوحدة الوطنية مجموعة من القرارات تقضي بحل عدد من الأجهزة ونجم عن ذلك مواجهات مسلحة في قلب طرابلس.
وفيما يتعلق الأمر بواقع المليشيات التي يقوض وجودها إعادة بناء دولة وطنية يفسر الباحث تحركها بثلاثة عوامل : ” الفصائل المتناحرة والتشكيلات المسلّحة تحركها خلفيات ثلاثة، فهي جزء من حركها مرتبط بإثبات وجودها، وجزء ثان قد يكون مرتبطا بمجموعة من التحالفات الداخلية أو الخارجية، وجزء ثالث مرتبطا بمصالح اقتصادية وجيوسياسية وإستراتيجية تكسبها”. ويقول الباحث بأن الاستقرار الذي يتحث عنه الجميع لم يتحقق بسبب تعارض الصالح والمواقف بين الأطراف الخمسة : المجلس الأعلى للدولة، حكومة الوحدة الوطنية، مجلس النواب، المجلس الرئاسي، القيادة العامة أو الجيش العربي الليبي بقيادة حفتر. وفي ظل غياب نص دستوري ضابط وعدم وجود شرعية لكل هذه الأجسام لم ينجح الحوار الداخلي في تجاوز الأزمة.
ولكن فشل الوصول الى الإستقرار يعود أيضآ حسب البشير الجويني الى عامل التدخلات الخارجة “خصوصا في حالة الانقسام الأفقي والعمودي التي تشق القوى الكبار، خاصة الخمس الكبار في مجلس الأمن والمؤسسات الأممية، ما يلقي بظلاله على الحالة الليبية التي لها خيرات وموقع إستراتيجي يجعل الأطماع كثيرة و حالة السيولة التي تمر بها المنطقة وإعادة التشكل الجيوسياسي والإستراتيجي، خاصة ما تعلق بالهجرة وتجارة المواد الخطرة والممنوعة والتشكيلات المسلحة والجماعات المسلحة والوجود الأجنبي في المنطقة ككل، هذا كله ساهم في تعقيد الوضع وتركيبه.”
وردآ على السؤال “هل تحولت البلاد إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ؟ ” يقول الباحث : ” القوى الإقليمية ووجودها في ليبيا، مسألة ليست بالمستجدة أو الحديثة هو تنافس على أشده، التنافس يأخذ أبعادا اقتصادية، وكثير من المتابعين يشيرون إلى الحوار الأسطوري بين “توتال” و”إيني”، و” إكسبون موبايل” الأمريكية وغيرها، كـ”شال” و”بي.بي”. ليبيا أصبحت ساحة لتسوية صراعات إقليمية، سواء تحدثنا عن الصراع المصري التركي أو الروسي التركي، الايطالي الفرنسي، الأمريكي الروسي، كل هذه النزاعات هي جزء يسوى بشكل غير مباشر على الأراضي الليبية، سواء بتفاهمات أو في شكل تحالفات تقام وتفض هنالك، ما يجعل الصراع الإقليمي عنصرا يزيد من تعفين وتعقيد الوضع”.
وحول السؤال المتعلق بما يمكن أن يفعله جيش حفتر في هذه الظروف يقول الباحث : ” يبقى جيش حفتر عنصرا موجودا ولكن غير مفعل، هل هذا سيعطيه قدرة على مناورة سياسية أو ميدانية، خاصة وأن أنباء تتحدث عن تحرك بعض الآليات من منطقة بويرات الحسون بشرق سرت في اتجاه الغرب أي في اتجاه العاصمة، هل هذه فقط رسائل روتينية أو رسائل مبطنة، كل هذه أسئلة تبقى مطروحة”. ويأمل الباحث في ختامه الى أن تلعب دول الجوار دورآ فعالآ في تسهيل الحوار الليبي من أجل تفادي الإنزلاق نحو حرب أهلية.