ملاحظات الشيخ المأمون القاسمي الحسني حول المشروع التمهيدي للدستور

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الّذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبفضله تتنزّل الرحمات، وبتوفيقه تتحقّق المقاصد والغايات.والصلاة والسّلام على سيّد الكائنات، سيّدنا ونبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه، ذوي الفضل والمكرمات، أما بعد؛

فقد اطّلعت على المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، الّذي وصلتني مسودّته من رئاسة الجمهورية؛ وسجّلت بشأنه  ملاحظات واقتراحات، تتعلّق  بمواضيع تحظى لدينا بالعناية والأهمية؛ وأتناولها في المحاور الآتية:

01-   بين يدي الدستور

02-   أيّ جديد نريد في الدستور الجديد؟

03-   من أجل بناء دولة الاستقلال واستكمال مقوّمات الاستقلال.

04-   الإسلام، كمقوّم أساسيّ لهُوّيتنا الحضارية، وضامنٍ لوحدتنا الوطنية.

05-   اللّغة العربية، باعتبارها لغة القرآن، فضلا عن كونها من أقوى عوامل وحدتنا، ومقوّمات شخصيتنا.

06-   الشورى وحقوق الإنسان والحريّات العامّة.

07-   من أجل مرجعية عليا للفتوى، واعتماد أسلوب الاجتهاد الجماعي.

08-   تأهيل الشباب لرسالته في الحياة، باعتباره الطّاقةَ الحيّةَ في الأمّة، وعُدّةَ حاضرها ومستقبلها.

09-   من أجل اقتصاد أخلاقي يحقّق الإنتاج الكافي والتوزيع العادل.

10-   التمييز بين المواطنين في المجالس المنتخبة ومناصب المسؤولية.

11-   من أجل أخلقة الحياة العامّة، ومكافحة الآفات والانحرافات.

أولا. بين يدي الدستور:

إنّ الباعث على ما أطرحه من أفكار في هذه الصفحات، هو الأمل في الإفادة من تراثنا الحضاريّ الحافل بالأمجاد، الزاخر بعظيم الذخائر، من القيم الروحية والعلمية والتربوية والاجتماعية، الّتي تمثّلها أسلافنا، وشادوا بها حضارة، ليس كمثلها حضارة، سادت الدنيا، وأنارتها بهداية الإسلام، وأخرجت شعوبا وأممًا من ظلمات الجهل والشرك، إلى أنوار العلم والإيمان. فإذا نحن أفدنا منها، كما أفاد منها الأوّلون، أمكننا أن نسهم بالحظّ الأوفر في الإصلاح المأمول والنهوض المنشود.

في هذه الورقة، نقدّم رؤيتنا للدستور، باعتباره المرجعية القانونية العليا للدّولة؛ يرسم إطارها ومعالمها، ويحدّد طبيعتها  ووظائفها ومؤسّساتها. ومن ثمّ، فهو يعكس العقد الاجتماعي الّذي تتوافق عليه فعاليات المجتمع، ومرجعياته الدينية، ونخبه السياسية والعلمية والفكرية.

من هذا المنطلق؛ فإنّ تعديل الدستور يعتبر من أهمّ مخرجات عملية التغيير، الّتي تشهدها الجزائر، منذ بداية الحراك السلميّ المبارك، بمنطلقاته الوطنية الأصيلة، ومطالبه المشروعة؛ وفي طليعتها بناء دولة نوفمبر، الّتي ضحّى من أجلها شهداء   ثورة نوفمبر.

 لقد كنّا نفضّل أن يُطرح مشروع تعديل الدستور للنقاش والإثراء، في ظروف أفضل، يسودها الاستقرار، ويتوافر فيها الحدّ المطلوب من الانفتاح الإعلاميّ والتوافق السياسي؛ ويُفتح في ظلّها باب الحوار والنقاش الحرّ، لتشترك فيه فئات تمثّل نخبة المجتمع، وشخصياته الوطنية الفاعلة، بمختلف أطيافها وتوجّهاتها، وتنوّع كفاءاتها واختصاصاتها؛ حتى لا تشعر فئات من المجتمع أو نخب فيه، بأنّهم غير معنيين بالانخراط في مشروع بهذا الحجم من الأهمّية، في تحديد معالم العهد الجديد؛ وهذا ما يتطلّب روحا جديدة جامعة، قادرة على توفير مناخ إيجابي، يعطينا دستورا، لا يرتبط بالأسماء، ولا يستجيب للأهواء؛ بل يتّسم بالثبات والاستقرار؛ ويمتدّ عبر العقود، فلا يخضع للتّعديل باستمرار.

ثانيا. أيّ جديد نريد في الدستور الجديد.

إنّ الإصلاحات التي نريدها هي التي تستدرك مواطن الخلل في مسيرتنا؛ وتشمل مختلف مجالات الحياة: الاجتماعية، والثقافية، والتربوية، والاقتصادية، والسّياسية. وتتزامن مع السعي الحثيث لمكافحة الفساد، في مجتمع انتشرت فيه هذه الآفة، واستشرت في مختلف مؤسّساته. كما تهدّد كيانَه عواملُ الهدم من كلّ حجم ولون. فلا صلاح لأمرنا إلاّ بتغيير ما بأنفسنا. وتلك سنة الله؛ فَمِن دينه نستمدّ الأحكام؛ وبدعوته تستقيم الأحوال. والله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ الرعد/11.

إنّ أُولى خُطواتنا في الإصلاح والتغيير ينبغي أن تبدأ بالتّصالح مع الذات، والعمل لبناء المستقبل على أسس متينة، وقواعد صحيحة، ترتكز على القيم الروحية والوطنية، التي كان تلاحمها سرَّ تماسك مجتمعنا، عبر الأجيال؛ ولاسيما في أوقات المحن والشدائد في عهد الاحتلال.

والتغيير المنشود هو الذي يحرّرنا من التبعية الثقافية والاقتصادية؛ ويمكنّنا من التصدّي لمشاريع التغريب، ومقاومة العوامل المفضية إلى الاستلاب الفكري، والاغتراب والانهزام، في مجال الثقافة والإعلام، وفي مناهج التربية والتعليم، وفي مجال المؤسّسة الأسرية، المستهدفة من المخطّطات الرامية إلى تفكيك المجتمع وطمس خصائصه المميّزة.

 نريد من الصّيغة الجديدة للدستور أن تُرسي قواعد دولة الاستقلال، دولة الحقّ والعدل، دولة المؤسّسات، دولة مدنية،   في إطار المبادئ الإسلامية، كما رسم معالمها وحدّد إطارها بيان أوّل نوفمبر 1954م. فينبغي إذن أن  يعبّر الدستور، بصدق ووضوح، عن طبيعة الدولة الجزائرية، التي جاهد من أجلها الشعب الجزائري، وضحّى من أجلها الشهداء الأبرار.

 إنّ المأمول أن يؤسّس الدستور لنظام ديمقراطي حقيقي، مقطوع الصّلة بممارسات العهد الماضي؛ يُفصل فيه بين السلطات؛ وتتحقّق فيه استقلالية القضاء؛ وتقوم فيه الهيئة التشريعية المنتخبة بدورها كاملا، في التشريع والرقابة.

  ينبغي ” لدستور الجزائر الجديدة ” أن يثبّت أركان دولة الحقّ والعدل، كما يأمر بذلك الدين الحنيف. فالإسلام،    الّذي يأمر بالعدل في الحكم والقضاء، يهدف في الوقت نفسه، إلى تحقيق العدل الاجتماعي؛ وهو العدل الذي يقيم مجتمعا متعاونا متكافلا، يجد فيه كلّ فرد حقّه، وينال حظّه، وتصان فيها حريته في التفكير والتعبير، ويضمن له العيش الكريم.

ثالثا. من أجل بناء دولة الاستقلال، واستكمال مقوّمات الاستقلال.

إنّ بلادنا تشهد تحوّلات تاريخية، وتمرّ بمرحلة فاصلة في مسيرتها الحافلة بالأحداث والذكريات. وهي اليوم تستعدّ لإحياء الذكرى الثامنة والخمسين لاستعادة الاستقلال، ذكرى انتصار شعبنا على جحافل الاحتلال، ودحره لطغاة الاستدمار.

 لقد سعى أبناء الجزائر لبناء دولة الاستقلال، وإرساء قواعدها، وتوطيد أركانها؛ فحقّقوا إنجازات في مختلف مجالات الحياة الروحية والمادّية. وخلال مسيرة نصف قرن ويزيد، كان يُحال بينهم وبين استكمال عناصر شخصيتهم. وهكذا خرجت الجزائر، بعد استعادة الاستقلال، بواقع غريب؛ فقد تخلّصت من الاحتلال العسكري، لكنّها ظلّت تحت الهيمنة الثقافية واللغوية للأجنبيّ الفرنسيّ؛ وظلّت الرؤية الحضارية فيها محكومة بالإطار الغربيّ؛ حيث عملت طائفة مستغربة نافذة، من بقايا فرنسا، لكي تبقى هذه التبعية أبديّة. واستمرّت مناورات الفئة الناشزة، وتعاقبت خططها الماكرة، وتعدّدت مشاريعها المقنّعة والسّافرة. وهي اليوم تظهر للعيان، في الشارع المتحرّك وفي وسائل الإعلام والاتّصال. ولم يكن ذلك تجاهلا لمشاعر الجماهير واختياراتها فحسب؛ ولكنّه ظلّ يشكّل تحدّيا لشخصيتنا الوطنية، وهُوّيتنا الثقافية والاجتماعية.

لقد أكّدت الأحداث أنّ شعبنا المسلم يرفض أن يُشكّك في هُوّيته، أو يُساء إلى ثوابته ومقوّمات شخصيته.     وأثبتت الأيام أنّ السّواد الأعظم من الجزائريين يتمسّكون بهُوّيتهم الإسلامية؛ ويعتزّون بانتمائهم الحضاريّ الأصيل؛ ويرفضون الفصل بين الأمازيغية والعربية، لغة وثقافة؛كما يرفضون الفصل بين الأمازيغية والإسلام، عقيدة وانتماء. وإنّ كلّ مسعى في هذا الاتّجاه الخاطئ يعدّ تزويرا للحقيقة التاريخية، وتشويهًا للهُوّية الأصيلة، الّتي صقلتها الأيام، على مدى خمسة عشر قرنا، من التمازج والتفاعل والتكامل.

إنّ الأمازيغية الّتي يريدها الجزائريون هي الّتي تشكّل امتدادًا تاريخيا لمسيرتنا الحضارية؛ ويتبنّونها، لغة وثقافة وتراثا، في كنف هُوّيتنا الحضارية الموحّدة. ومن هذا المنطلق، فهم يرفضون الدعوات العرقية، والأصوات الناشزة الّتي تتنكّر للهُوّية، بمفهومها الأصيل؛ وهؤلاء في الواقع إنّما يعملون لتنفيذ مشروع فرنسي قديم، فشل في تحقيقه الاستدمار؛ وظهر من خلاله،   على امتداد عهد الاحتلال، سعيه الحثيث لمحاولة إحداث انقسامات قبلية، كان الهدف منها تهيئة الظروف الملائمة لبسط الهيمنة على شعبنا، والتمكين للوجود الفرنسي في أرضنا.

لقد كنّا ندعو باستمرار لكي تكون العلاقة بين العربية والأمازيغية علاقة تنوّع وتكامل، لا علاقة صراع وتصادم، لفائدة اللغة الفرنسية؛ ممّا ينجرّ عنه التمكين لهذه اللغة الأجنبية، وذلك ما يريده في الواقع حماة الفرنسة ودعاة المشروع التغريبي، ويعملون له ليل نهار؛ غايتهم التمكين للفرنسية، لكي تبقى مهيمنة في مختلف مجالات الحياة، ولكي تظلّ لها السّيادة في جميع القطاعات والمؤسّسات، وفي مختلف المستويات.

رابعا. الإسلام كمقوّم أساسيّ لهُوّيتنا الحضارية، وضامن لوحدتنا الوطنية:

إنّ الجزائر روحها الإسلام. به اهتدت، وبه جاهدت وانتصرت. وبه، إن شاء الله، تقيم حياتها، وتضمن وحدتها وتماسكها. الإسلام هو الضامن لوحدة شعبنا ووحدة وطننا، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما كان إلاّ الإسلام وحده يؤلّف بين القلوب المتنافرة؛ وما يمكن أن يجمع القلوبَ إلاّ أخوّةُ الإيمان، تَصغُرُ إلى جانبها الأحقاد التاريخية،      والنّعرات العرقية، والرّايات العنصرية، والثّارات القبلية، والأطماع الشخصية، والنّزعات الفردية. فكلّ شعار يُرفع ليس بمقدوره     أن يجمعنا، إلاّ شعار الإسلام. بعروته الوثقى يتجمّع الصفّ، تحت لواء الله الواحد الأحد. بهذه الآصرة الإيمانية المتينة الّتي تشدّ أبناء الجزائر بعضهم إلى بعض؛ وبهذا الرباط الربّاني الّذي يربط بين قلوبهم، يتكوّن فيهم المجتمع المتعايش المتكافل؛ مجتمع يلتزم فيه الفرد، عن وعي وإيمان، بأداء الحقوق والقيام بالواجبات.

إنّ قيم الإسلام السّامية هي الّتي جعلت شعبنا يلوذ بركنه، ويعتصم بحبله؛ ويبقى على الدوام محصّنا متماسكا بقوّته. وفي ضوء هذه القيم، كانت مبادئ المقاومة والجهاد؛ ومن قَبَسِ هذه الأنوار، يستلهم شعبنا عهد الشهداء؛ ليبقى أمانة يحملها الخلف عن السلف، بوفاء، على مدى الزمان وتعاقب الأجيال.

إنّ الجزائر هي أمانة الشهداء الّتي ضحّوا من أجلها، وبذلوا كلّ غال في سبيل حرّيتها، واسترجاع استقلالها، وسيادتها. إنّها الجزائر، بوحدة شعبها ووحدة أرضها. هي الجزائر، بهوّيتها وثوابتها، ومستقبلها المأمول، في ظلّ قيمها ومقوّمات شخصيتها. هي الجزائر التي ستبقى، بإذن الله، عزيزة بعزّ الإسلام، كما كانت منذ أن استنارت بهداية الإسلام.

إنّ الدّولة، حين تُشرّع، إنّما تشرّع لشعب يتمسّك بالإسلام، منذ أن هداه الله إليه؛ فلا يبغي عنه حولا، ولا يرضى بغيره بديلا؛ ويريد أن يرى أولياء أموره على صورته؛ يؤمنون بهوّيتهم الإسلامية، ويتمسّكون بثوابت شخصيتهم الوطنية؛    ويعملون لتطهير مؤسّسات الدّولة والمجتمع من كلّ ما يتنافى مع مبادئ الإسلام وقيمه الأخلاقية؛ باعتباره دين الدّولة، كما ينصّ على ذلك دستور الدّولة.

في المادة الثانيـــة، لا يكفي النصّ على أنّ: ” دين الدولة الإسلام “؛ بل ينبغي أن تضاف إلى المادّة فقرة تنصّ على التزام الدولة بمراعاة الانسجام مع دستورية الإسلام، باعتباره دين الدّولة، في كلّ التشريعات التي تنظّم حياة الأسرة والمجتمع الجزائري. وذلك لوضع حدّ للتناقض والتضارب بين هذه المادّة الدستورية وبين واقع التشريع والتنظيم لمختلف مجالات الحياة.

 خامسا.اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن، فضلا عن كونها من أقوى عوامل وحدتنا، ومقوّمات شخصيتنا:

إنّ صلة اللّغة العربية وثيقة بالعقيدة الإسلامية، لأنّها لغة القرآن؛ حيث تلقّى المسلمون كتاب ربّهم، بلغة عربية بيّنة؛ وشرّفهم الله باختيار هذه اللغة، لتكون وعاء لكتابه، وتتحمّل وحيه وهدايته للناس أجمعين. لقد طبعها الله لغة دقيقة؛          وبنى في باطنها الاقتدار على إبلاغ دعوة القرآن، وبيان آياته، بوضوح لا يشوبه غموض. أسلوبها بيّن مبيّن، يكشف الغوامض، ويوضّح الحقائق. وقد شهد بذلك ربّ العزّة والجلال. قال تعالى:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل/103. وقال سبحانه:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قلبكَ بلسان عَربي مبين}الشعراء/193. وقال تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.. }يوسف/2.

 لقد أدرك المسلمون هذه الحقيقة، واقتنعوا أنّ واجبهم نشر الإسلام، ونشر اللغة العربية، كأشرف وسيلة تحقّق نشر دعوة الإسلام. ومن هذا المنطلق؛ فإنّ التهاون في أمر اللغة العربية يعدّ تهاونا في حقّ العقيدة الإسلامية؛ لأنّ العربية تمثّل رسالة الإسلام، عقيدة وشريعة، ونظام حياة.

في المادة الثالثة، الّتي تنصّ على:  ” أنّ اللغة العربية هي اللغة الرسمية والوطنية للدّولة الجزائرية “:  ينبغي أن تضاف   إلى هذه المادّة فقرة تنصّ على التزام مؤسّسات الدّولة بالتعامل باللّغة العربية؛ والعمل لترقية تعليمها، وتعميم استعمالها، في الإدارة والتعليم والإعلام والمحيط. وذلك نظرا إلى أنّها من أقوى عوامل وحدتنا، ومقوّم أساسيّ من مقوّمات شخصيتنا؛ وباعتبارها اللغة الجامعة لأبناء شعبنا، توحّد فكرهم وخطابهم، على اختلاف لهجاتهم، وتنوّع ثقافاتهم، وتباعد ديارهم؛ فضلا عن كونها لغة القرآن، ومفتاح معرفته، واستنباط أحكامه، والوقوف على إعجازه وأسراره.

لقد سمعنا من يسألون عن الوسيلة لترقية اللغة العربية، وإحلالها المكانة المستحقّة. والحال أنّ كلّ عاقل يعلم علم اليقين أنّ حياة اللغة في استعمالها، والالتزام بالعمل بها في كلّ المؤسّسات، والتعامل بها في شتّى شؤون الحياة. وهو ما يحول دونه خصوم العربية، الّذين يخنقون أنفاسها، ويعملون ليل نهار لإضعافها، والحيلولة دون ترقيتها وتعميم استعمالها. وهكذا نحن نعيش في ظلّ هذا التناقض، بين من يقول شيئا ويفعل غيره. بين أمر يؤمن النّاس بأنّه خير وصلاح، وبين ممارستهم وسلوكهم في واقع الحياة ؟.

أمّا بخصوص الأمازيغية، باعتبارها لغة وطنية، فقد اقترحنا أن تنصّ فقرات المادّة الرابعة على: ” أن تعمل الدولة لتوحيد لهجاتها المستعملة عبر التراب الوطني، وترقيتها وتطويرها بكلّ تنوّعاتها اللسانية. كما اقترحنا أن تنصّ المادّة على: “أن تحرص الدولة على أن تكون العلاقة بين الأمازيغية والعربية علاقة تنوّع وتكامل، حفاظا على انسجام المجتمع الجزائريّ، القائم على تنوّع النسيج الثقافي والاجتماعي، في إطار الوحدة الوطنية، والمرجعية الدينية الجامعة.