ماهي العقبات التي تقف أمام التدخل العسكري في النيجر ؟
بيد أن مؤشرات ودوافع التدخل العسكري -وهي كثيرة ومتعددة- تقابلها كوابح وتعقيدات متضافرة هي الأخرى، تحول دون التقدم نحو خيار من هذا القبيل، نظرا لما يحيط به من “مخاطر”، وما قد تترتب عليه من تداعيات قد لا تحمد عقباها، ومن هذه العقبات:
- موقف الرئيس بازوم
من المعلوم أن الرئيس النيجري المخلوع محمد بازوم ما زال متمسكا بمنصبه، ويرفض أي تنازل عنه لصالح الانقلابيين، رغم كونه خاضعا للاحتجاز من طرفهم، ورغم الضغوط والتضييق الذي تزايد عليه في الأيام الأخيرة من طرف الانقلابيين، فإن هذا الفيلسوف الذي اختطفته السياسة من التعليم لم يعبر بعد عن موقف واضح من قبول أو رفض التدخل العسكري الأجنبي لإعادته إلى السلطة.
- تهديد جيران النيجر بمواجهة التدخل
ويتعلق الأمر أساسا بدولتي مالي وبوركينا فاسو، إضافة إلى غينيا، في حين تعبر نيجيريا عن مواقف صارمة تجاه جارتها الفقيرة التي تعتمد على كهرباء أبوجا.وقد اعتبرت مالي وبوركينا فاسو -في بيان لهما- أن أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب على بلديهما، وهو ما يعني أن تداعيات التدخل العسكري لن تقتصر فقط على النيجر بل ستتجاوزه إلى البلدان المجاورة. وبالإضافة إلى ذلك، سارعت الجزائر -من خارج دول المنظمة- للتعبير عن موقف صارم ضد التدخل العسكري خشية تصاعد موجة العنف في المنطقة.
- خطر الحرب الأهلية في النيجر
لا يعرف حتى الآن شكل التدخل العسكري المفترض الذي تنوي دول الإيكواس تنفيذه في النيجر -إن كانت تنوي تنفيذه فعلا- ولكن لا يستبعد بالنسبة للعديد من المراقبين أن يؤدي إلى إشعال فتيل حرب أهليه مفتوحة في بلد يعيش على أمواج الفقر في جدب الصحراء، وفي ظل استمرار قادة الانقلاب وما يتبع لها من وحدات رئيسية وأساسية بالسلطة ورفضها أي تنازل عنها لصالح الرئيس محمد بازوم.
- معارضة أوروبية للتدخل
رغم الموقف الأوروبي والأميركي القوي ضد الانقلاب، والدعم الفرنسي القوي لإجراءات الإيكواس، فإن قضية التدخل العسكري لا تبدو محل اتفاق بين جميع الدول الأوروبية، إذ دعا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الأربعاء الماضي، إلى استبعاد أي تدخل عسكري غربي في النيجر لأنه سيعتبر استعمارا جديدا.
- شبح التدخل الروسي
لا يُعرف حتى الآن إن كانت روسيا قد فتحت خط اتصال مع انقلابيي النيجر، ولكن المرجح أن أي تدخل عسكري في البلاد سيمنح موسكو مسوغا إضافيا للشراكة العسكرية في كتابة مستقبل هذا البلد الأفريقي، وهي فرصة يعمل الروس كثيرا من أجل الوصول إليها.
- انهيار الإيكواس
لا يستبعد كثيرون أن تصل التداعيات الكبيرة للتدخل العسكري في النيجر إلى كيان منظمة الإيكواس نفسها، خصوصا إذا انسحبت منها دول معارضة للتدخل، وهو ما سيفقد المنطقة آخر هيئاتها الفاعلة.أما مجموعة دول الساحل الخمس المعروفة بـ”جي 5″ -التي تتكون من بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر- فهي أصلا في حالة موت سريري بعد موجة الانقلابات التي ضربت جميع دولها باستثناء موريتانيا.
- توقف استخراج وتصدير اليورانيوم
ومن شأن التدخل العسكري كذلك أن يحمل معه تأثيرات سلبية كبيرة على مصادر الطاقة الفرنسية، وهو ما قد يضفي مزيدا من الالتهاب على الصيف الباريسي المفعم بالأزمات، خصوصا أن فرنسا لا تملك أي مؤشرات على إمكانية نجاح هذا التدخل، مما سيقلص حضورها الأفريقي، لتؤوب إلى آخر “أبنائها البررة” في المنطقة، وهو الرئيس الشاب محمد إدريس ديبي، حسبما يصفه بعض معارضيه.
- إمكانية ترحيل الفوضى
وذلك باتجاه الدول المتحمسة للتدخل، فالسنغال التي تعيش أزمة سياسية عميقة جدا قد تكون عرضة لردود فعل شعبية معارضة ومتضامنة مع حكام النيجر، كما أن التداخل العرقي بين مكونات الجيشين في النيجر ونيجيريا قد يعوق تدخل أبوجا في حربها على الجارة الشقيقة.
المصدر : الجزيرة