رئيس الجمهورية يبرز المكاسب المحققة ويؤكد تمسك الدولة بطابعها الاجتماعي

أبرز رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, في خطاب للأمة ألقاه اليوم الاثنين أمام غرفتي البرلمان المجتمعتين بقصر الأمم (الجزائر العاصمة)، المكاسب المحققة خلال الأربع سنوات الماضية في مجال الإصلاح السياسي و الإقتصادي وتكريس الحقوق وتعزيز الطابع الاجتماعي للدولة.

واستهل الرئيس تبون خطابه التاريخي أمام ممثلي الشعب بالتأكيد على أنه قطع عهدا على نفسه منذ أن حمله الشعب مسؤولية قيادة البلاد أن يتخذ من “الحوار البناء نهجا للعمل ومن المصارحة ثقافة لتسيير الشأن العام”, وهو ما دفع به إلى مخاطبة الأمة الجزائرية للوقوف على حصيلة ما تم إنجازه في سبيل “تحقيق الأهداف النبيلة التي خرج من أجلها شعبنا الأبي في فبراير 2019 مطالبا بالتغيير”. وقال أن استعادة الثقة في مؤسسات الدولة شكلت “الانشغال الرئيسي لعملية الإصلاح السياسي التي عملنا على تنفيذها بشكل متدرج, بداية من المراجعة العميقة للدستور الذي زكاه الشعب الجزائري في نوفمبر 2020″, مذكرا بسلسلة الإصلاحات التشريعية الشاملة التي سمحت بـ”مواءمة المنظومة القانونية مع الدستور الجديد وتنصيب مختلف الهيئات المستحدثة والعمل من أجل بروز جيل جديد من المجالس المنتخبة”. وعلى هذا الأساس, استعرض رئيس الجمهورية أهم الإنجازات المحققة منذ توليه سدة الحكم والتي قال أنها “تبعث على كثير من الارتياح”, مشددا على أن “البلاد تتطور وتتقدم بسرعة بفضل الشباب الجزائري الذي كذب كل التكهنات السلبية, خاصة تلك القادمة من وراء البحر”.

وفي المجال الإقتصادي ذكر رئيس الجمهورية بأهم المنجزات المحققة، خصوصا في مجال الإنتاج الصيدلاني وصناعة السيارات و تحقيق الأمن الغذائي مشددا على عدم ربط مصير الاجيال القادمة بعائدات المحروقات.و في تطرقه للأمثلة الكثيرة عن تطور الانتاج المحلي، قال رئيس الجمهورية على أن الجزائر تنتج اليوم 70 بالمائة من حاجياتها من الدواء، و تسعى لرفع انتاجها من الحبوب، وصنع قطع الغيار محليا خدمة للصناعة الميكانيكية، حتى أنها تتفاوض، مثلا، مع شركة فيات لاستعمال العجلات المطاطية المنتجة محليا. وشدد الرئيس تبون، لدى توقفه عند منجزات وآفاق قطاع المناجم على ان السلطات العمومية عملت على إطلاق عدد من المشاريع الهيكلية لتحريك عجلة التنمية، مؤكدا أنه أسدى “تعليمات لكل المسؤولين في قطاع المناجم لتجنب تصدير المواد على حالتها الاصلية بل تصديرها بعد التحويل”. وقال في هذا الخصوص ان الجزائر “تطمح إلى انتاج 5 ملايين طن من الحديد”، مبرزا الاهمية التي يكتسيها منجم غارا اجبيلات، و مؤكدا في السياق ذاته تمسكه بالعهد الذي قطعه “لإيصال السكة الحديدية إلى تمنراست وادرار وولاية المنيعة”. وجدد رئيس الجمهورية بالمناسبة التزامه الثابت بعدم الذهاب إلى الاستدانة الخارجية، لافتا الى ان احتياطات العملة الصعبة تفوق اليوم 70 مليار دولار، و بخصوص تطوير الفلاحة، لا سيما الحبوب، أكد أنه يمر عبر ترقية الري مشددا على ضرورة استخدام المياه المعادة تصفيتها و تطوير مشاريع تحلية مياه البحر.

و وقف رئيس الجمهورية مطولا عند ملف الاستيراد، و كيف نجحت السياسة الرشيدة للدولة في هذا المجال في كبح الاستيراد العشوائي الذي لطالما استنزف العملة الصعبة للبلاد، على حساب تطوير الانتاج الوطني. ونوه في هذا الاطار ب”انهاء كابوس 25 ألف شركة وهمية كانت تستورد وتنهب وتستنزف الخزينة العمومية”. و بفضل عدة اجراءات، منها فتح خطوط جوية و بحرية مع عدة دول و فتح معارض دائمة بإفريقيا، أكد الرئيس تبون أن المنتوجات الجزائرية صارت مطلوبة بشكل كبير افريقيا و عالميا. و كشف الرئيس تبون أن “نهاية السداسي الأول من سنة 2024 ستشهد الانتهاء من مشروع الرقمنة”، مشددا على أهمية الحصول على أرقام دقيقة و حقيقية لتحقيق التنمية على اسس علمية. ولدى تطرقه لمقاولاتية الشباب والابتكار، أكد الرئيس تبون أن الجزائر صارت “تتوسط الترتيب القاري في مجال المؤسسات الناشئة، بعدما كنا آخر دولة في افريقيا في هذا المجال”، مذكرا بأن السلطات العمومية أولت “اهتماما خاصا” بإنشاء نظام بيئي وطني للمؤسسات الناشئة، مواصلة العمل على إدماج التجارة الموازية في المجال الرسمي.

وأكد أنه يعمل من أجل تكريس حقوق جميع الجزائريين عبر كافة ربوع البلاد وأنه جعل من تعزيز الطابع الاجتماعي للدولة “نبراسا لكل الجهود المبذولة من أجل تعزيز التضامن الوطني والتكفل بجميع المواطنين في ظل الإنصاف والمساواة”. وأضاف أنه “أولى عناية فائقة لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال مراجعة شاملة للضريبة على الدخل الإجمالي والرفع من الأجور واستحداث منحة البطالة, صيانة لكرامة الشباب الذين أبانوا عن نزاهة بعدم المبالغة في طلب الاستفادة من هذه المنحة”, بالإضافة إلى “جهود توفير مناصب الشغل وتسوية أوضاع الكثير من الموظفين الذين استفادوا من الإدماج النهائي”. كما شدد الرئيس تبون على الأهمية التي لطالما أولاها لمناطق الظل, مؤكدا أن “80 بالمائة من القرارات المتعلقة بتحسين وضعية مناطق الظل قد تم تجسيدها فعليا”, مشيرا الى أن “6 ملايين مواطن جزائري عاشوا في ظروف كان يجب تجاوزها منذ الاستقلال”. وتوقف عند مسألة محاسبة المسؤولين الذين لم يتمكنوا من أداء المهام المنوطة بهم لرفع الغبن عن ساكنة هذه المناطق, حيث قال بهذا الخصوص أنه “اتخذ قرارات مؤخرا مكرها بإنهاء مهام مسؤولين محليين تقاعسوا”. واعتبر أن “خدمة المواطن الجزائري تعزز شعوره بانتمائه إلى وطنه”, مضيفا أن الأمر “لا يتعلق بشعارات شعبوية وإنما بمسألة مبدأ”.

وتطرق رئيس الجمهورية إلى الجهود المتواصلة في إطار محاربة كل أشكال الفساد, معلنا أن عملية استرجاع أموال الشعب المنهوبة خلال فترة حكم العصابة, مكنت من استرجاع “ما يفوق 30 مليار دولار تشمل عقارات ووحدات صناعية ومبالغ مالية”, مضيفا أن “العمل متواصل من اجل استرجاع الأموال التي تم تهريبها إلى خارج الوطن”.
كما جدد الرئيس تبون التأكيد على العناية الخاصة التي توليها الدولة لأفراد الجالية الوطنية في الخارج, معلنا عن قرار تخفيض 50 بالمائة في أسعار تذاكر الرحلات الجوية بهدف تمكينهم من قضاء شهر رمضان الكريم بأرض الوطن. ولدى تطرقه إلى الإنجازات المحققة على مستوى السياسة الخارجية, ذكر رئيس الجمهورية بالإجماع الدولي الذي مكن الجزائر من تولي منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة, وقال أن صوتها اليوم “مسموع في كل المحافل الدولية وتدافع بشراسة على مبادئ ثورتها وقيم البشرية ولن تتخلى عن الدول الضعيفة”. وجدد بالمناسبة دعم الجزائر للقضيتين الفلسطينية والصحراوية, مؤكدا أن مواقفها واضحة في هذا الشأ ن

(واج)