شخصيات وطنية تشكك في شرعية الإنتخابات الرئاسية

صدرت شخصيات وطنية يتقدمها الوزير الأسبق طالب الإبراهيمي، والحقوقي علي يحيى عبد النور، ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور،ووزير الإتصال السابق عبد العزيز رحابي بيانا تناول تحليلا للأوضاع التي تعيشها البلاد. وتطرق البيان إلى حالة الإنسداد السياسي التي تعيشها البلاد، مشددا على أن “هذه الممارسات جعلت الشعب يعزف عن الممارسة السياسية، ويفقد الثقة في تغيير الوضع خاصة أثناء المواعيد الإنتخابية” وذكر البيان أن “المؤسسات الوطنية اليوم قد أفرغت من محتواها ووظائفها الحيوية، بما فيها الرقابية منها وانجر عن هذا الوضع إبعاد الشعب عن ممارسة مهامه في ضمان شرعية الحكم”. وقالت الشخصيات الوطنية، إن استمرار الحراك الشعبي لم يكتفِ بإسقاط العهدة الخامسة وإنما يهدف لتحقيق كل مطالبه المتمثلة في القضاء على كل الممارسات التي أوصلت البلاد لما هي عليه، مؤكدة أن الحراك بقي محافظا على إصراره طيلة ثمانية أشهر ولم يتراجع. وأشار المجتمعون إلى أن السلطة أدارت ظهرها لكل المبادرات التي طرحتها الشخصيات و الأحزاب وظل النظام – حسبهم – محافظا على أسالبيه القديمة في التعامل مع الثورة الشعبية.

ودعت الشخصيات إلى إعطاء الأولوية لمحاربة الإستبداد السياسي بإقامة نظام ديمقراطي أساسه التداول السلمي على السلطة، عوضا على تركيز الأنظار فقط حول محاربة الفساد.وقال أصحاب البيان إن “الحراك الشعبي ليس من مسؤوليته إيجاد الحلول، بل إن دوره الأساسي – حسبهم- يتركز في تغيير الموازين وتمكين النخب من تقديم تصور شامل للوضع، وسيمكن هذا التصور المبني على الديمقراطية من تمكين الشعب من إختيار ممثليه”. وأكد البيان على أن أغلبية الشعب لا ترفض الإنتخابات الرئاسية، بل أن “الموقف الحالي جاء بناء على قناعة بأن النظام لازال يحتفظ بالحق الحصري في الرعاية السياسية وهو ما تسبب في جعل الدستور لعبة في يد السلطة وأداة كبح لديناميكية التغيير السلمي”. ووصفت الوثيقة “إجراءات السلطة للخروج من الأزمة بأن محاولة مرور بالقوة نحو انتخابات فاقدة للشرعية وفرض وصايتها الأبدية”، مضيفة أن “تشكيل لجنة الحوار والسلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات كان دون توافق مع الطبقة والفاعلين السياسيين”، مرجعة ذلك إلى “عدم وجود أي حوار حقيقي، حيث ضاعت الإستقلالية بعد التعيين العلني المفضوح لأعضائها”. وحسب الوثيقة “كان الأصح أن يُسند أمر استدعاء الهيئة الناخبة لهذه السلطة لو كانت فعلا مستقلة”، مشيرة إلى أنّ “هذه التجاوزات قد كشفت حقيقة عدم وجود إرادة سياسية لدى السلطة للاستجابة الكاملة لمطالب الحراك”.

ودعت الشخصيات الوطنية الموقعة على البيان إلى ضرورة استمرار الحراك الشعبي السلمي مع الإشادة بوعي المتظاهرين وأهمية الحفاظ على سلمية مسيراتهم.وتضمن البيان جملة من المطالب منها ضرورة الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي برحيل رموز النظام والقضاء على منظومة الفساد بكل أشكاله، وإطلاق سراح معتقلي الرأي فورا وبدون شروط من الشباب والطلبة ونشطاء الحراك، واحترام حق التظاهر السلمي المكفول دستوريا، وعدم تقييد حرية العمل السياسي والكف عن تقييد حرية التعبير لاسيما في المجال السمعي البصري العمومي والخاص، ورفع التضييق على المسيرات الشعبية السلمية وفك الحصار عن العاصمة، وكذا إيقاف المتابعات والاعتقالات غير القانونية ضد الناشطين السياسيين ودعوة كل الأطراف المؤمنة بهذه المطالب إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول. ودعت الشخصيات إلى ضرورة ضبط النفس وتجنب رفع الشعارات المسيئة للأشخاص والمؤسسات ونبذ الفتنة وخطاب الكراهية. كما شدّدت على ضرورة أن يكون أن الإستحقاق الرئاسي القادم تتويجا لمسار الحوار والتوافق، فبلادنا بحاجة ماسة إلى اجتماع كل الخيرين للخروج برؤية موحدة، مشيرة إلى أن الرئاسيات يجب أن لا تكون تجديدا للنظام القائم وإنما بل منطلقا لبعث حياة سياسية جديدة في إطار وحدة وطنية.

وأكدت على ضرورة تبديد مخاوف المؤسسة العسكرية من سلطة مدنية دستورية وهذا لا يكون إلا عبر توافق وطني يجنب البلاد أي مغامرة، مضيفة بأن المغامرة بانتخابات رئاسية وفق التاريخ المحدد، دون توافق وطني، هي قفزة في المجهول ستزيد من تعميق أزمة شرعية الحكم، وستفتح الإنتخابات بهذا الشكل الباب أمام التدخلات والإملاءات الخارجية المرفوضة في كل الحالات، وتحت أي شكل من الأشكال، حسب الوثيقة. ودعا المجتمعون من أسموها بالسلطة الفعلية إلى إعادة قراءة الواقع بحكمة وواقعية حتى لا تقع في تناقض مع المطالب المشروعة للشعب في التغيير السلمي لآليات وممارسات الحكم.