البوليساريو تنفي مزاعم سعداني بخصوص مغربية الصحراء
ردّ محمد لمين أحمد عضو الأمانة الوطنية لجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، اليوم الثلاثاء، بقوة على التصريحات الأخيرة التي أطلقها تصريحات الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني بخصوص قضية الصحراء الغربية. في رسالة “انطباعية” مطوّلة حصل عليها “الشروق أونلاين”، أوعز محمد لمين أحمد الناشط الصحراوي البارز أنّ “التاريخ قد يساعد في تحويل تلك القناعات إلى أخرى؛ فقناعات أهل الجاهلية استمرت ردحًا من الزمن، حتى عصفت بأهلها فانتشر الإسلام وغيّر قناعات عددًا من الخلق، فانتشر بالحجة والبرهان بالوحي وعزيمة الرجال”. وتابع لمين أحمد: “لا أريد القدح في قناعة أيّ كان حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، والرجوع إلى الحق فضيلة كما يقال، أريد فقط أن أوضّح بعض الحقائق التاريخية للسيد عمار سعداني تذكيرًا لعل الذكرى تنفع المؤمنين”.
وأبرز قيادي البوليساريو أنّه قبل التقسيم الاستعماري في مؤتمري برلين 1884 و1885، كانت هناك ثمّة حقائق تاريخية راسخة، مستدلاً بالمعاهدة الموقّعة من طرف محمد بن عبد الله وهو من أقوى سلاطين المغرب وشارل الثالث ملك اسبانيا يوم 18مارس1767.ونصّت المادة الثامنة من تلك المعاهدة على أنّ: “سلطان المغرب يعلن تحفظه فيما يخص رغبة الملك الكاثوليكي بإيجاد مؤسسة له جنوب وادي نون لأنه -أي السلطان- لا يمكنه تحمل المسؤولية تجاه الأحداث الّتي ستقع هناك أو المآسي التي ستحدث، لأنّ سيادته لا تصل إلى تلك المنطقة، ولأنّ السكان هناك خطرين ومتوحشين والذين تسببوا على الدوام في مآسِ لسكان جزر كناريا بل واستعبدوهم”. ووقّع خلفه مولاي اسليمان معاهدة أخرى مع الإسبان بتاريخ الفاتح مارس 1799 بمكناس عاصمة المملكة المغربية حينها، وأعادت المعاهدة الثانية التأكيد على أنّ سيادة السلطان لا تتعدى وادي نون جنوبًا. بدورها، تضمنّت المعاهدة الانجليزية المغربية المؤرخة في 9 ديسمبر1856، تأكيدًا أنّ سيادة سلطان المغرب لا تتعدى وادي نون. وبرسم المعاهدة الإسبانية المغربية المؤرخة في 20 نوفمبر 1861 في مادتها الـ38، تمّ إعادة التأكيد على ما نصت عليه الاتفاقيات السابقة بين سلاطين المغرب وملوك إسبانيا.
وأردف لمين أحمد: “هذا ليس كلام الصحراويين، بل أحيل السيد عمار سعداني إلى ما ورد في كتاب الاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى لمؤلفه المغربي العلوي سنة 1832الذي يشير فيه إلى أن منطقة المغرب الأقصى (ويسميه الغربي) تحدّ شرقا بنهر ملوية وجبال تازة ومن الشمال بالبحر المتوسط ومن الجنوب بجبال الأطلس”. وذهب الناشط الصحراوي المخضرم إلى أنّ العلوي استقى ذلك من العالم الاجتماعي المغاربي والمؤرخ ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، إذ يقول إنّ : “الحدود الجغرافية للمغرب الأقصى من الشرق نهر ملوية الذي يتجه غربًا إلى آسفي وهي نقطة على شاطئ البحر، وتنتهي جنوبًا إلى درن، ويقول البعض إنّه يعني درعة”. وتمنى لمين أحمد أن “يضع سعداني أمامه الخريطة ليطلّع على موقع وادي نون المحدد ووادي درعة المشار إليه في مقدمة ابن خلدون، وأن يتفحّص التاريخ قبل أن يصدر حكمه فلربما سقط منه ذلك سهوًا، ومن كلام التاريخ تتضح له الصورة أكثر، خاصةً تاريخ هذه البقعة المباركة”.
وأبرز لمين أحمد أنّ الأمر حساس، تفاديًا لفتح المجال لسياسة التوسع التي جُبل عليها حكام المغرب وعدد من جهابذة ساسته. وقال لمين أحمد: “وإلّا فإنّه بهذا الطرح، يقول سعداني لحكام المغرب الأقصى أنّ الأراضي الّتي انتزعتها منكم اتفاقيات برلين الاستعمارية المقسمة لإفريقيا تضمّ أيضا كما تطالبون: كل الأراضي الموريتانية، وأراضي شمال مالي( تمبكتو وأزواد) وحتى أراضي جزائرية كالساورة وتوات وحتى أدرار ورقان”، مذكرًا: “ألم تخوضوا حربًا في مثل هذا الشهر من سنة 1963، وجراح محرري الجزائر لم تندمل بعد؟”. وكان سعداني صرّح قبل أيام أنّ “الصحراء مغربية وليست شيئًا آخرً، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين”، مشددا بأن “موضوع الصحراء يجب أن ينتهي وتفتح الحدود وتُسوى العلاقات بين الجزائر والمغرب لأنّ الأموال التي تُدفع لمنظمة البوليساريو الجزائريون أولى بها”، حسب تعبيره.