سلفيون يتشبثون بـ”الخرافة والمؤامرة” أمام انتشار فيروس “كورونا”
بقلم مصطفى شاكري
إجابة يقينية جاهزة لدى التيار السلفي بشأن تفشي فيروس “كورونا” في العالم، مفادها أن هذا الوباء عقاب إلهي محض، مستعينا في ذلك بالفكر العقائدي الجَبْري الذي يُعيد أحوال الناس إلى إرادة الإله، قصد التشديد على استقالة الإرادة البشرية في الإصابة بالجائحة الوبائية التي مازالت بدون علاج نهائي إلى حدود الساعة.
وإذا كان “العالم الغرْبي” يتسابق من أجل اكتشاف دواء مضاد للفيروس المستجد، عبر إجراء العديد من التجارب المخبرية الهادفة إلى التوصّل إلى لقاح محتمل، فإن تغييب العقل النقدي مازال يهيمن على “العالم الإسلامي” الذي تفاعل مع الوباء العالمي بتفسيرات خرافية، بالنظر إلى تشبّعه الكبير بورقة المؤامرة التي يبرّر بها الكوارث الإنسانية.
واستسهل التيار السلفي ومعه شريحة واسعة من المجتمع، مخاطر فيروس “كورونا” الصحية، حيث أقصى العقل نهائياً من الأزمة الوبائية التي استنفرت العالم كلّه، من خلال الدعوة إلى الاستسلام للأمر الواقع، نافياً بذلك عن الإنسان حقيقة الفعل والإرادة.
وفي وقت أرجع فيه البعض سبب تفشي الفيروس المستجد إلى نظرية المؤامرة الأمريكية، فإن السلفيين المغاربة تفاعلوا مع الوباء من منطلق “القدر الإلهي”؛ إذ رأى فيه بعضهم “بلاءً موجّهاً للكفّار”، واعتبره البعض الآخر “جندًا من جنود الله”، وبينهما توجه ثالث يقول إنه “رسالة من الإله”.
فقد أكد عمر الحدوشي، أحد قادة التيار السلفي بالمغرب، أن “المرض أصاب الصين وانتقل من دولة إلى أخرى، رغم التطورات التكنولوجية التي تتوفر عليها الصين”، وزاد: “لا أريد اتهام أمريكا أو الصين بنشره لأنه يقتل الشيوخ، بوصفه كلاما للاستهلاك فقط”، مشددا على أن الوباء “جند من جنود الله”.
وتابع المتحدث، في قناته الرسمية على موقع “يوتيوب”، أن “ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة. إنه رسالة من الله إلى هؤلاء لأنهم لا يؤمنون بالله”، مبرزا أنه “فيروس قهر الدول العظيمة رغم التطور التكنولوجي. جنود الله لا يعلمها إلا هو”، على حد تعبيره.
من جانبه، تفاعل حسن الكتاني، الشيخ السلفي، مع توقيف العمرة مؤقتا في المملكة العربية السعودية بسبب تداعيات فيروس “كورونا”، بالقول إن “ما يحدث من تفريغ الحرمين وتعطيل العبادة فيهما أمر مريب مفزع”، مضيفا: “إذا لم توقف هيئة الترفيه أنشطتها وأوقفوا العمرة، فهذا يدل على نية سوء مبيتة”.
محسن بنزاكور، باحث في علم النفس الاجتماعي، قال إن “الإنسان ينتابه الخوف حينما يتعلق الأمر بكارثة بالنظر إلى تشبثه بالحياة، وهي طبيعة إنسانية، لكن، تختلف ردة الفعل باختلاف العقليات والشخصيات، بحيث يوجد الإنسان السوي وغير السوي الذي يعاني من اضطرابات نفسية أو عقلية، فضلا عن المؤمن بالخرافة والمؤامرة”.
وأضاف بنزاكور، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التحجّج بالدين في تفسير هذه المسألة غير مبرر تماما، لأن العقيدة الإسلامية بنفسها تلزم الإنسان بمعرفة أسباب تلك الظواهر الطبيعية عبر استعمال ملَكة العقل”، موردا أن “الإنسان يُسقط مخاوفه على ظاهرة معينة لأنه عاجز عن تفسيرها”.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن “الوباء العالمي تم تفسيره بشكل خرافي وليس إسلامي”، وقال:”في مرحلة سابقة كنّا نربط الفيضان بغضب الطبيعة، بينما الآن صرنا نتحدث عن عقاب الله”، ودعا إلى “الاستعانة بالمتخصصين لفهم مختلف حيثيات وجوانب الموضوع”.
وأشار المتحدث إلى “استغلال الوضع من لدن البعض لتمرير خطابات دينية خاطئة تقوم على التهويل النابع من الجهل والإيمان بالأسطورة”، مشددا على أن “خطورة تلك التفاسير تكمن في تشجيع خطاب الاستسلام، فضلا عن غرس الرعب في نفوس الناس”، داعيا إلى التشبث بالحقيقة الطبية التي تفيد بأن الفيروس الحيواني أصبح ينتقل بين الإنسان”.
المصدر : هيسبريس