مظاهرة مليونية ضد التمديد في العاصمة
خرج الجزائريون، أمس الجمعة، بالملايين في العاصمة، مؤكدين على تمسكهم برسالتهم الواحدة والوحيدة التي وجهوها لرموز النظام الحالي، وهي: “ارحلوا جميعا”، ومعبرين عن سخطهم على ردود فعل السلطة القاضية بتنصيب بدوي ولعمامرة على رأس حكومة وصفوها بـ”فاقدة المشروعية” حتى قبل أن يتم الإعلان عن أعضائها، ولم تثن المحتجين الأمطار المتساقطة عن التظاهر، بل جعلتهم يحتفلون ويغطون الشوارع والساحات بالأعلام الوطنية.
الزمان: العاشرة صباحا، المكان: ساحة البريد المركزي، المئات من المواطنين القادمين من أحياء العاصمة الجزائر، وأيضا من ولايات الوطن المختلفة يحتجون حاملين الأعلام الوطنية، والشعارات المناهضة للنظام الحالي ورموزه.
وبعد قرابة الساعة، تحولت ساحة البريد المركزي إلى مساحة للاحتفال، حيث قامت فرقة هاوية بتمثيل قطعة مسرحية سياسية مناهضة للنظام، ما استحسنه الحاضرون الذين تجمهروا لمشاهدتها والاستمتاع بها، وغير بعيد قامت مجموعة من الشبان بالعزف على آلة “الدربوكة” و”القيتار” أناشيد وطنية وأغان معروفة، فيما اختار آخرون العزف على المزمار، المعروف بتسمية “فوفوزيلا”.
كما غطت الساحة الأعلام الوطنية التي كانت حاضرة بقوة من طرف المحتجين، خاصة وأن بعض الشبان اختار المتاجرة ببيعها.
وما هي إلا لحظات حتى تساقطت الأمطار على العاصمة، والتي لم تمنع المحتجين من مواصلة الاحتجاج في جو بهيج، حيث استقبلوها بالغناء والتأكيد على أن لا شيء سيجعلهم يتراجعون عن الضغط على السلطة لتعيد حساباتها، وتقرر الاستماع إلى صوت الشعب.
ولم تمض ساعات حتى امتلأت ساحات الجزائر الوسطى بحشود المحتجين، وبعد صلاة الجمعة التحق بهم مئات الآلاف من المصلين الذين خرجوا من مساجد العاصِمة، حيث ملأوا شوارع العاصمة، من العربي بن مهيدي إلى نهج باستور، ساحة موريس أودان، شارع ديدوش مراد، ساحة البريد المركزي، شارع محمد الخامس، حسيبة بن بوعلي، ساحة أول ماي، عيسات إيدير، محمد بلوزداد، وغيرها من الشوارع التي اكتظت عن آخرها بجموع المتظاهرين ضد النظام الحالي، وضد تشكيل حكومة يقودها نور الدين بدوي ورمطان لعمارة، اللذان وصفهما المحتجون بـ”غير الشرعيين”، كون المطلب الشعبي الأول هو “رحيل رموز النظام جميعهم”. وتفنن المحتجون في تحرير الشعارات التي رفعوها، منها تلك التي تعبر عن تمسكهم بمطالبهم رغم رداءة الأحوال الجوية، مثل: “تصب الشتاء، يطيح لحجر، معاك يا بلادي حتى للخر”، “الشتاء هنا لهذا النظام الفاسد”، “فرحون تحت المطر”.
كما تضمنت الشعارات إشارات إلى المعلومة التي تم تناقلها حول استفادة فرنسا من الغاز الجزائري مجانا، حيث رفع البعض شعار: “يا فرنسا وجدو لحطب”.
كما انتقد المحتجون زيارات لعمامرة وبدوي إلى الصين وروسيا، حيث رفعوا شعار: “أنتم من تلجأون إلى الأيادي الخارجية”، و”لا روسيا لا الصين، بربي رايحين رايحين”، و”لا للتدخل الخارجي”. أما شعارات أخرى فقد كانت فكاهية، من مثل: “اللهم سلط الحوت الأزرق على جماعة النظام الفاسد”، أو “لي قراها الذيب حفظها السلوڤي”.
كما كانت المناسبة لبعض فئات المجتمع من أجل رفع مطالبهم، على غرار عائلات الحراڤة الذين دعوا إلى ضرورة التحقيق حول مصيرهم، إضافة إلى عائلات مفقودي العشرية السوداء، الذين طالبوا بالتحقيق في اختفاء أبنائهم، مثلما خرج متقاعدو الجيش الوطني الشعبي الذين أكدوا على وقوفهم إلى جانب الشعب الجزائري.
وعبر مواطنون من مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية عن وعيهم بما تفعله السلطة من محاولة لربح الوقت، عبر الإجراءات السياسية التي تقرها، على غرار محاولة تشكيل حكومة، قالوا إنها لن تلقى حتما موافقة من طرف المواطنين الراغبين في جعل جميع رموز النظام الحالي يرحلون، سواء تعلق الأمر بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو رموز فترة أربع عهدات كان فيها على رأس الدولة، خاصة منهم الذين استماتوا في الدفاع عن بقائه في الحكم رغم المرض، ومنهم من يحاول حاليا، حسب محدثينا، ركوب الموجة والتموقع بجانب الحراك الشعبي، على غرار ما يفعله قادة حزبي التجمع الوطني الديمقراطي، أو جبهة التحرير الوطني.
واستمرت الأجواء الاحتفالية السلمية في الجزائر الوسطى، فيما فضل آخرون السير إلى قصر المرادية، غير أن مصالح الأمن منعتهم عبر إقامة سد على مستوى شارع كريم بلقاسم، تيليملي سابقا، وتمكن العاصميون من إبلاغ صوتهم إلى السلطات بأن “القرار اليوم عاد إلى الشعب وحده السيد”