الرئيس تبون يرافع من أجل إصلاح الجامعة العربية وحماية ليبيا واليمن وسوريا
انطلقت بقصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر، مساء الثلاثاء الدورة
الـ31 للقمة العربية، بمشاركة عدد كبير من القادة والمسؤولين العرب، حيث
بلغ عدد القادة المشاركين 16 قائدا عربيا، بينهم الرئيس عبد المجيد تبون
رئيس القمة، إلى جانب مسؤولين من المستوى الثاني، هم رؤساء حكومات ووزراء
خارجية.
وتسلمت الجزائر، ممثلة في رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مساء الثلاثاء،
رئاسة الدورة الـ31 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، من الرئيس
التونسي، قيس سعيد، الذي ترأست بلاده الدورة الـ30 للقمة العربية سنة
2019.
وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في كلمته الافتتاحية، أن القمة
العربية بالجزائر تشكل “محطة للدفع بمسار متجدد لتحقيق تكتل عربي”، وأبلغ
الرؤساء والأمراء ورؤساء الحكومات الحاضرة أن هنالك “تطلعا للنتائج
والنقاشات التي تتم خلال القمة”.
ورفع الرئيس صوت الجزائر عاليا مدافعا عن فلسطين في مواجهة الإرهاب
الصهيوني، مؤكدا استعداد الجزائر لرفع مطلب “العضوية الكاملة لفلسطين في
الأمم المتحدة”، دون إغفال الأزمات التي أنهكت ليبيا واليمن وسوريا، وجدد
مطلب الجزائر بضرورة المضي نحو “إصلاح الجامعة العربية”.
وجاءت كلمة الرئيس تبون شاملة كاملة ووافية، حيث تناول الظرف التي تنعقد
فيه قمة الجزائر، بعد 3 سنوات من الانقطاع بسبب جائحة كورونا، وقال “تنعقد
القمة في ظروف معقدة وحساسة، يميزها تصاعد التوترات والأزمات، وتأثيرات
كورنا ماثلة أمامنا، وتلقي بظلالها على الدول خاصة في الأمن الغذائي”.
ونبه الرئيس إلى القوة التي تمتاز بها المنطقة العربية، إن على مستوى
المقدرات البشرية والمالية والطبيعية، مؤكدا على ضرورة أن يكون “العالم
العربي قوة فعالة، واسترجاع الثقة وأن يكون للعالم العربي ثقل وتأثير”،
ودعا القادة العرب إلى “بناء تكتل اقتصادي عربي يحفظ المصالح العربية”.
ولتزامن انعقاد القمة مع ثورة نوفمبر، ذكَّر الرئيس تبون الحضور بالتآزر
العربي مع الثورة التحريرية، قائلا: “نوفمبر يشكل فخرا واستحضار التفاف
الأشقاء العرب والأحرار في العالم للدفاع عن الثورة، ونأمل في استحضار تلك
القيم لمواجهة التهديدات التي تواجه شعوبنا”.
وخصص الرئيس تبون الجزء الأكبر من كلمته لفلسطين، وهو الذي أكد سابقا أن
قمة الجزائر ستكون “قمة فلسطين”، حيث قدم معاينة أليمة عن الوضع الذي آلت
إليه فلسطين في ظل إرهاب وإجرام وتهويد صهيوني، مضيفا “يستمر الاحتلال في
بناء المستوطنات وقتل الأبرياء، واجتياح القرى ومصادرة الممتلكات وهدم
المباني وتشريد السكان”.
وعن القدس الشريف، شدد الرئيس تبون على أن “مخططات التهويد مستمرة في القدس
لإسقاط الهوية الإسلامية، والاقتحامات الاستفزازية للمستوطنين والمجموعات
المتطرفة والحصار الذي تتعرض له نابلس، وما يحصل في حي الشيخ جراح”.
وأدان الرئيس تبون العجز الدولي عن مواجهة الإرهاب الصهيوني، إذ توقف عند
مجلس الأمن الدولي، ليؤكد أن “مجلس الأمن عجز عن فرض حل الدولتين الذي يحظى
بالقبول”، ونبه إلى أن مبادرة السلام العربي تعد مرجعية متوافقا عليها
لبعث السلام في الشرق الأوسط.
ولم يكتف الرئيس تبون في كلمته بتشخيص الواقع الأليم في فلسطين، بل قدم
مقاربة فعالة للدفاع عن القضية المركزية، حيث اقترح الرئيس على القادة
العرب تشكيل لجنة تنسيق واتصال، تتولى الجزائر من خلالها نقل مطلب للأمم
المتحدة لتمكين دولة فلسطين من العضوية الكاملة في الهيئة الدولية، وكان
هذا المقترح كفيلا بتفجير القاعة التي كانت تجرى فيه الأشغال بالتصفيق.
وعاد الرئيس تبون إلى الإنجاز الذي تحقق للقضية الفلسطينية بترتيب وهندسة
شخصية منه، عندما وقعت الفصائل الفلسطينية على “إعلان الجزائر” الذي يُعد
الأرضية لتحقيق المصالحة، حيث توجه بالخطاب إلى الدول العربية لتكثيف وضم
الجهود لمرافقة فلسطين وطي صفحة الخلافات نهائيا.
ولم تقتصر مواجهة الرئيس تبون للمحتل الصهيوني على فلسطين، بل امتدت إلى
جزء عربي آخر لا يزال مُحتلا، وهو هضبة الجولان السوري، حيث طالب بإنهاء
احتلاله وعودته للدولة السورية.
وحضرت الأزمات في الوطن العربي في كلمة الرئيس تبون، ومن ذلك ليبيا واليمن
وسوريا، حيث خاطب المتخاصمين وأوصياءهم بالقول: “أناشد الأطراف الداخلية
والخارجية لتسهيل الحوار الشامل والمصالحة وعدم التدخل حتى تتمكن الشعوب من
صياغة مستقبلها في الحرية والكرامة”، وتابع “علينا استعادة المبادرة لحقن
الدماء ولم الشمل العربي”.
وبحديثه عن لم الشمل العربي، شدد الرئيس على ضرورة أن تكون قمة الجزائر
“لقاء لتجسيد أهداف الجامعة العربية ومحطة للدفع بمسار تكتل عربي”، موضحا
“نتطلع للنتائج والنقاشات خلال القمة في مجالات أمنية وسياسية واقتصادية
وتنموية”.
وقبل ذلك، لم يغفل الرئيس “الخلل” الذي يعتري الجامعة والمضي نحو إصلاحها،
حيث أكد أن “التحدي الإصلاحي الأكثر إلحاحا يتطلب منا الإسراع بإصلاح جذري
لمنظومة العمل العربي المشترك لتضطلع الجامعة للقيام بعملها ومواكبة
التطورات”