ملتقى الرئيس الراحل هواري بومدين: استذكار لمآثر الرجل وإجماع على حنكته واستراتيجيته

استذكر المشاركون في الملتقى الوطني حول الرئيس الراحل هواري بومدين, اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة, مآثر الرجل وشخصيته الفذة وحنكته السياسية، الى جانب نظرته الاستباقية للأمور ونصرته للقضايا العادلة.

وتناول المتدخلون خلال الجلسات التي تخللت هذا الملتقى، الذي نظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, مآثر الراحل ومسيرته الثورية والسياسية, مبرزين صفاته القيادية ونظرته الاستباقية التي ساعدته على مواجهة التحديات وإعلاء صوت الجزائر الحرة المستقلة الداعمة للقضايا العادلة في العالم. وبهذا الخصوص, أكد الدكتور محي الدين عميمور، الذي شغل منصب المستشار الإعلامي للرئيس الراحل هواري بومدين, أن هذا الأخير كان “مدرسة وشخصية قيادية تملك قدرة فائقة على الاختيار بين البدائل المطروحة واقتناص أفضلها أو تحديد الأسبقيات”, مضيفا أنه “لم يكن يتخذ قرارا إلا بعد بحث ودراسة وتحليل ومراجعة معطياته مع أهل الرأي والخبرة”. كما كان الرئيس بومدين –يضيف السيد عميمور– “صاحب نظرة استراتيجية سبقت الجميع وحذرت الغرب في منتصف السبعينيات من تدفق مهاجري الجنوب بأعداد رهيبة وفي ظروف بالغة السوء على دول الشمال بعد أن سدت في وجوههم أبواب العيش الكريم نتيجة مؤامرات الاستعمار الجديد والشركات الغربية المتعددة الجنسيات, كما ترددت صرخته في نيويورك وهو يندد بنظام عالمي ظالم”.

من جهته, عاد المجاهد والدبلوماسي السابق، صالح بن قبي، إلى الظروف التي ترعرع فيها الرئيس هواري بومدين والتحاقه بالثورة, مشيرا الى بشاعة الاستعمار الفرنسي وسعيه منذ الوهلة الأولى للقضاء على الشعب الجزائري وطمس هويته.وفي ذات المنحى، استعرض مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد، خلال مداخلته، سعي الرئيس الراحل هواري بومدين الى بناء الصرح المؤسساتي للجزائر الحرة المستقلة, حيث كان –مثلما قال– “أول من أرسى دعائم هذا الصرح الذي تعزز بالمؤسسات الدستورية التي أقرها الرئيس عبد المجيد تبون”. كما تناول المؤرخ محمد لحسن زغيدي مسار كفاح المجاهد هواري بومدين وقيادته إبان الثورة التحريرية ومناصرته للشعوب المستعمرة و وطنيته, بينما تطرق الاستاذ حسان مغدوري في محاضرة بعنوان “تجليات ملامح القيادة في شخص هواري بومدين الرمز”, خصال “الرجل القائد الذي حرص على أن يكون رجل دولة وعمل على تنظيمها على جميع المستويات, كما ضرب أروع مثال في التضحية وكان معتزا بعروبته وإسلامه وعمقه الافريقي”.

وكان الرئيس الراحل –يضيف الأستاذ مغدوري– “أول من حمل مبادرة جريئة في وقتها عندما تحدث عن اختلال النظام الدولي بين الشمال والجنوب” وكان “الإنسان المحارب والذكي والمحب للانتصارات”.من جانبه, ركز الكاتب الصحفي, محمد بوعزارة, على دعم الرئيس بومدين لحركات التحرر، خاصة في افريقيا، قائلا في هذا الصدد: “بومدين ظاهرة متميزة تحتاج الى  الدراسة والبحث في مآثره ومسيرته التي ألهمت العديد من الشخصيات في العالم”. كما شهد الملتقى الذي حمل عنوان “هواري بومدين..رجل دولة بعزيمة أمة”, محاضرات أخرى تناولت الاستراتيجية الاقتصادية للرئيس الراحل وعلاقته بالقضايا التحررية العادلة. وتم بالمناسبة تنظيم معرض لصور الرئيس الراحل وأغراضه الشخصية, كما تم تكريم عائلته، إلى جانب عدد من المجاهدين والباحثين.

لا يسعنا إلٱ أن نشيد بمثل هذه المبادرة الحسنة التي تعيد لذاكرة الأجيال الصاعدة جزءٱ من مٱثر هذا القائد المناضل الذي كان يستلهم عزيمته السياسية القوية من تمسكه بمبادئ الثورة الجزائر وثوابت الأمة التاريخية والحضارية ولكن إستذكار مٱثر الرجل مرة كل سنة غير كافي إذا أردنا حقٱ أن نستلهم من كفاحه ما من شأنه أن يغذي معركتنا الراهنة من أجل صيانة مكاسب الثورة الجزائرية ضد الإنحرافات والتهديدات التي يشكلها طابور تغريبي مندس داخل أجهزة الدولة العميقة وله أدرع نافذة داخل الإعلام والمجتمع المدني و معروف بحقده على ثوابت الأمة وعمالته للدوائر الإستعمارية الجديدة.