الإتفاق السعودي ـ الإيراني يؤكد تنامي النفوذ الصيني في الشرق الأوسط

تزامنا مع إعادة انتخاب الرئيس الصيني لولاية ثالثة كرئيس للبلاد، جاء الاتفاق السعودي الإيراني على عودة العلاقات بينهما وذلك برعاية صينية لمفاوضات جرت مؤخرا في الصين بين 6 و10 مارس الجاري، وفي ظل قلق أمريكي من نفوذ الصين في الشرق الأوسط جاء هذا الاتفاق ليؤكد أن بكين تعمل على هذا بالفعل. ورغم إعلان البيت الأبيض أن أمريكا بقيت على اطلاع بمحادثات بكين بين السعودية وإيران، وتأكيده أن هذا الاتفاق يعمل في جانب آخر على إنهاء الحرب في اليمن، وتشكيك البيت الأبيض في تنفيذ إيران للاتفاق، إلا أن هذا لا يخفي ضيق أمريكا من تزايد اهتمام الصين بمنطقة الشرق الأوسط، مستغلة قيام أمريكا ومنذ رئاسة ترامب بالابتعاد عن المنطقة التى كانت واشنطن سببا في حروبها الأخيرة،

وفي دراسة جديدة حول مصالح الصين في المنطقة، يؤكد مؤلف الدراسة أن بكين جاءت متأخرة إلى المنطقة لكنها يبدو أنها لن تضيع الوقت في أن تزيد من تواجدها.كما تقول صحيفة “فايننشيال تايمز” في تقرير لها، إن الاتفاق الإيراني السعودي يعد انتصارا للدبلوماسية الصينية وسلط الضوء على نفوذ بكين المتنامي في منطقة الشرق الأوسط. كما أنه يمثل تحديًا للولايات المتحدة الأمريكية، التي لم تعد علاقاتها قوية مع الرياض مؤخرًا.كذلك تريد الصين وسريعا زيادة تواجدها في الشرق الأوسط، لأنهأكبر مورد للنفط والغاز للصين، حيث تمثل المنطقة ما يقرب من نصف واردات الصين من النفط، مما يجعل المنطقة حيوية جدا لأمن الطاقة في بكين،

وعلى سبيل المثال في عام 2020 ، استوردت بكين ما قيمته 176 مليار دولار من النفط الخام من المنطقة، مما جعل الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. ويمثل هذا المبلغ ما يقرب من نصف (47 في المئة) الواردات الرسمية للمنطقة، ومعظمها من المملكة العربية السعودية، أي أن الصين لا تعمل على زيادة علاقاتها مع دول المنطقة بشكل سياسي فقط، بل أن التجارة والاقتصاد يمثلان أهمية كبيرة لهذه العلاقات.وهكذا تعمل الصين على زيادة نفوذها في الشرق الأوسط بشكل كبير، ليس فقط من خلال التجارة والاقتصاد كما جرت العادة بين الصين وهذه المنطقة وأفريقيا عموما، لكن أيضا بأن تكون فاعلة في مجريات السياسية، ولن يكون الاتفاق بين إيران والسعودية سوى خطوة ضمن خطة صينية لأداء دور فاعل ومؤثر فيما يبدو أنه آخذ في الازدياد.