إدانات أفريقية ودولية لمحاولة الإنقلاب في النيجر وتساؤلات حول من يقف وراء العملية

الموقف ـ أثارت محاولة الإنقلاب الجارية في النيجر إدانات إفريقية ودولية واسعة ويبقى السؤال مطروح حول دوافع هذه المحاولة وحول ما إذا كانت جهات إقليمية والدولية متورطة فيها أم أن القضية داخلية بحتة نتيجة الصراع على السلطة.

تعليقا على ما يجري في نيامي، أدانت مجموعة “إيكواس” بأشد العبارات محاولة الانقلاب في النيجر، وقالت في بيان “ندعو المتآمرين وراء الانقلاب إلى إطلاق سراح الرئيس المنتخب ديمقراطيا بشكل فوري ودون شروط”. وحمّلت المجموعة “الضالعين في محاولة الانقلاب المسؤولية عن سلامة الرئيس وأسرته وأعضاء الحكومة”. من جهته، قال رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي إن الاتحاد الأفريقي “يدين بشدة توجه بعض الجنود لزعزعة المؤسسات الديمقراطية في النيجر”، واعتبر أن ما يجري “خيانة للواجب الجمهوري”، وحث الجنود على “التوقف فورا عن هذا التصرف غير المقبول”، ودعا المجتمع الدولي إلى “إعادة الجنود فورا ودون شروط إلى ثكناتهم”.

ومن جانبه، قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم إن الاتحاد “قلق للغاية” إزاء الأحداث الجارية في النيجر، وذلك بعد ورود تقارير عن محاولة انقلاب هناك. وفي واشنطن، أدان البيت الأبيض “تقويض أداء حكومة النيجر المنتخبة ديمقراطيا بقيادة الرئيس بازوم”، وطالب بالإفراج الفوري عن رئيس النيجر والكف عن استخدام العنف. كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة “بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة” في النيجر، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه ستيفان دوغاريك. وقال دوغاريك إن أنطونيو غوتيريش “يدين بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة والمساس بالحوكمة الديمقراطية والسلام والاستقرار في النيجر”، و”يدعو جميع الأطراف المعنيين إلى التزام ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري”.

كما أعربت فرنسا عن “إدانتها الشديدة لأي محاولة لتولي الحكم بالقوة” في النيجر، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن “فرنسا قلقة للأحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع”. وأضافت الوزارة أن فرنسا تضم صوتها إلى “الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في دعوتهما لاستعادة وحدة المؤسسات الديمقراطية النيجرية”. وفي برلين، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن الوضع في دولة النيجر لا يزال غير واضح، وذلك بعد تقارير تحدثت عن وقوع انقلاب عسكري. وقالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية، اليوم الأربعاء، إن “الوضع هناك، كما أبلغني الزملاء، لا يزال غير واضح تماما. ونحن على تواصل مع سفارتنا هناك، ومع الشركاء الدوليين، وسنتخذ تدابير مناسبة بطبيعة الحال، إذا تطلب الأمر ذلك”. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إن من السابق لأوانه الحكم على الوضع هناك، لافتا إلى أن الجنود الألمان “آمنون في الوقت الحالي”. ويحتفظ الجيش الألماني بقاعدة نقل جوي في العاصمة نيامي لدعم المهام العسكرية في غرب أفريقيا، وتحظى هذه القاعدة بأهمية بالنسبة لعملية سحب القوات الألمانية الجارية من مالي المجاورة.

في ظل الإدانات الأفريقية والدولية لمحاولة الإنقلاب في النيجر يبقى السؤال المهم من يقف وراء هذه المحاولة ؟ هل هي شأن داخلي فقط راجع الى الصراع حول السلطة والى فشل نظام بازوم في التصدي الى المجموعات الإرهابية التي تهدد أمن وإستقرار البلاد أم أن هناك تدخل أجنبي وفي هذه الحالة من أية جهة ؟ “. ونقلت وكالة الأناضول عن رئاسة النيجر أن قائد الحرس الرئاسي الجنرال عمر تشياني ألذي يتولى منصبه منذ 10 سنواتء يقف وراء احتجاز الرئيس بازوم. وتأتي هذه المستجدات تزامنا مع حديث عن اعتزام الرئيس بازوم مؤخرا إقالة تشياني من منصبه. وفي شهر أكتوبر من العام الماضي ذكرت صحيفة “تايمز” (The Times) البريطانية أن النيجر ستكون الدولة التالية التي تخسرها فرنسا لصالح روسيا في غرب أفريقيا ولمحت الى الدور المتنامي الذي تلعبه مجموعة فاغنر شبه العسكرية في المنطقة.

ومن المعروف أن النظام العسكري الحاكم في مالي يناهض بشدة نظام الرئيس بازوم في النيجر ويتهمه بالعمالة لفرنسا ولكن ليس هناك أي دليل على تورط مالي في محاولة الإنقلاب الدائرة في النيجر. وتتجه كذلك الأنظار الى دولة التشاد المجاورة والمعروفة بإمتلاكها لأقوى جيش في منطقة الساحل وبتورطها في النزاعات الإقليمية من ليبيا حيث تدعم معسكر خليفة حفتر الى السودان وذلك بالتنسيق مع الإمارات وإسرائيل ولكن لا يوجد الى حد الساعة ما يؤكد هذه الفرضية. ويبقى إحتمال تورط الإمارات بصفة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق مجموعة فاغنر على سبيل المثال واردآ حسب المراقبين المهتمين بشؤون المنطقة. وحسب مراسل قناة الجزيرة ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير اليوم الخميس على التكهنات التي تتوقع وجود دور لروسيا في انقلاب النيجر إن الولايات المتحدة لا ترى أي مؤشرات على تورط روسيا أو قوات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في الانقلاب بدولة النيجر. للإشارة النيجر الذي يصنفه المراقبون من بين حلفاء فرنسا وأمريكا في المنطقة بدأ مؤخرآ بتنويع شركائه في مجال الدفاع والأمن خاصة مع تركيا التي صدرت له في ماي 2022 ستة درونات من نوع بيركتار (Bayraktar TB2).