أزمة بين حمس و جبهة العدالة
تصاعدت الملاسنات والردود بين قيادات حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية، إلى حد “التخوين”، بسبب لقاءات سرية بين “القوى غير الدستورية” ممثلة في شقيق الرئيس المعزول السعيد بوتفليقة، و”قائد الدولة العميقة” الجنرال توفيق.
طعنت جبهة العدالة والتنمية التي يقودها، عبد الله جاب الله، في الرواية التي قدمتها حمس، عبر رئيسها عبد الرزاق مقري والبرلماني ناصر حمدادوش، حول المبادرة التي تقدمت بها حمس قبل “سقوط نظام بوتفليقة”، ولقاءات جمعت مقري مع السعيد بوتفليقة.
وأكد القيادي عن العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أنهم لم يلتقوا أبدا بالسعيد بوتفليقة ولا الجنرال توفيق، وكتب في منشور على الفايسبوك “بالمناسبة أذكر الرأي العام بتصريحات رئيس الجبهة الشيخ عبد الله جاب الله تجاه اللقاء أو العلاقة مع الجنرال توفيق النافية والمكذبة لأي لقاء أو علاقة تجمع الجبهة به، وأؤكد مجددا تكذيبي لأي لقاء لي أو لمسئولي الجبهة معه، فلم نلتق بهذا الرجل ولا تربطنا ومؤسسات الجبهة أي علاقة به، بل نحن من ضحاياه”.
وبخصوص لقاءت تكون قد جمعت جبهة العدالة والتنمية بالسعيد بوتفليقة، نبه بن خلاف “أؤكد مرة أخرى أن قيادات الجبهة لم يتفاوضوا مع أي طرف في السلطة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على حساب الشعب أو باسم المعارضة، ولم يسبق لي أن طلبت لقاء شقيق الرئيس رأس العصابة ولم ألتق به ولا أعرفه مطلقا على عكس ما اتهمتني به المدعو حمدادوش، إلا إن كان قد أخبركم هو نفسه بذلك، وهذا من البهتان والكذب الذي لن تستطيع تبريره مهما فعلت يا إمام”.
كما كذّب بن خلاف تصريحات مقري، وجاء فيها أنه عرض مبادرة حمس على العدالة والتنمية قبل لقائه بالسعيد بوتفليقة، وقال “المبادرة لم يتم عرضها علينا – كما جاء في بعض الجرائد – قبل أن يعرضها على من انتحل صفة الرئيس وسير البلاد لعهدة كاملة، وأوضحت إن مقري كان قد طلب لقاءنا وكان في مقرنا لأجل طرح مبادرته وتم اللقاء بيننا وشرح مبادرته المتعلقة بتأجيل الرئاسيات وتمديد العهدة الرابعة مع مقترحات لإصلاحات يريد أن يقوم بها الرئيس، وأن – الرئاسة موافقة على ذلك – دون تحديد من يقصد وبعد إلحاح منا على من وافق على ذلك، قال إن المعني بالأمر هو السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، وقال إنه تمت لقاءات عديدة معه ومع غيره في الموضوع، وقد أوضح هو بنفسه بعد ذلك هذه الاتصالات التي لم تعد سرية.
وجدد بن خلاف التأكيد على مواقف تشكيلته السياسية الرافضة لمبادرة مقري، وأورد “موقف قيادة جبهة العدالة والتنمية التي رفضت وتحفظت على المبادرة في ذلك اللقاء ولم تستحسن اللقاءات مع الرئاسة كما ذكر المدعو ناصر حمدادوش الذي لم يكن حاضرا في اللقاء”، وقدم عددا من الأسباب لرفضه المبادرة.
وظهر من خلال رد بن خلاف انزعاج جبهة العدالة والتنمية من التصريحات التي قدمها حمدادوش المعروف أنه مقرب جدا من مقري، وكتب عنه “ولولا أننا في رمضان المبارك الذي دعانا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإعراض عن مثل هذه المسائل في قوله (فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم) لكان لنا قول آخر واكتفي بالقول.. من كان بيته من زجاج فلا يرم غيره بالحجر.. فلعل في هذا ذكرى وموعظة”.
وسارعت حمس إلى رد الاتهامات التي طالتها، من خلال منشور للقيادي عبد العالي حساني، أكد فيه أن التشكيلة السياسية لجاب الله قد التقت السعيد بوتفليقة والذي وصفته ب”القوى غير الدستورية”، والجنرال توفيق “رأس الدولة العميقة”، وكتب “نذكّر السيد بن خلاف بأنّ ما يعيبه علينا بهذه الاتصالات المعلنة والرسمية، تقع فيه قيادات من “جبهة العدالة والتنمية” نفسُها، وبعلم الشيخ جاب الله ذاته، عندما تلتقي – سرًّا – ودون علم المعارضة ولا مصارحة الرأي العام، مع هذه القوى غير الدستورية (شقيق الرئيس السابق في أكثر من مرّة وباعتراف المعني ذاته)، ومع رأس الدولة العميقة، ومع الوزير الأول الأسبق (عبد المالك سلال)، بل وحتى مع ممثل عن “بدوي”، أثناء تشكيله للحكومة الأخيرة – المرفوضة شعبيًّا – بعد الحراك الشعبي”، وتابع المعني أن جاب الله لم يعارض لقاء مقري مع السعيد بوتفليقة وقال “الشيخ جاب الله لم يعارض اللقاء من حيث المبدأ، ولم يتحدّث عن انتحال السعيد بوتفليقة لشخصية أخيه، ولكنه تحدّث عن عدم ثقته في وعود السلطة، وتجربته الطويلة معها، وأنت – يا سي بن خلاّف – كنت حاضرًا في هذا اللقاء في مقركم”.
وبررت حمس لقاءها بالسعيد بوتفليقة في تلك الفترة، على أساس أنه سلطة الأمر الواقع “لقد توجّهنا بمبادرة التوافق الوطني إلى كلّ مؤسسات الدولة – ومنها الرئاسة، وإلى كلّ مكوّنات الطبقة السياسية – موالاة ومعارضة – وإلى المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، ضمن مشروع وطني معلن ومكتوب وموزّع، وأنّ لقاءنا مع مَن يُعتبر الآن من القوى غير الدستورية، كان ضمن سلطة الأمر الواقع، التي كان يذعن لها الجميع، وتتعامل معها جميع الأطراف (مؤسسات رسمية وحزبية ومجتمعية وإعلامية ودولية)، بل إنّ وثيقة مازفران للمعارضة مجتمعة كانت تنصّ على الحلّ التوافقي المتفاوض عليه معها.