سليم قلالة يرافع من أجل الحوار

بقلم سليم قلالة

عندما احتدم النقاش أيام المرحوم عبد الحميد مهري حول الذهاب أو عدم الذهاب للحوار مع المجلس الأعلى للدولة آنذاك، وقد كان من المعارضين له، تدخل ليوضح أمرا جوهريا للحضور بالقول المنقول عنه، إن المشكلة ليست في الذهاب أو عدم الذهاب للحوار، إنما في ما سنقول أو ما لا نقول في هذا الحوار…

هذا الموقف الصادر عن هذا الرجل السياسي من الطراز الأول يُلهمنا الجواب عن السؤال المطروح اليوم بإلحاح علينا جميعا: ما الموقف الذي ينبغي أن يكون لنا مع لجنة الحوار الحالية؟ وما الذي على المجتمع المدني والطبقة السياسية وكافة الفئات الاجتماعية القيام به اتجاهها؟

متابعتي الأولية لردود الفعل الصادرة تجاه هذه اللجنة سمحت لي بملاحظة أننا في الغالب ما نهتم بالشكل وننسى المضمون. نُركز على الأشخاص وننسى الدور والأهداف والغايات. بدل أن نطرح الأسئلة الصحيحة عن الذي يُمكن تحقيقه مع هذه اللجنة، نُسارع إلى تقديم الإجابات وإلى إصدار الأحكام على أعضائها… إننا نُركّز على أعضائها لا على موضوعها، في حين أن الأفضل هو العكس! الأفضل لأي طرف ليس رفض الحوار لأنه ضد شخص أو أشخاص في هذه اللجنة، إنما التوجه إليها كائنا مَن كان فيها، والتعبير عن سبب قبوله أو رفضه أو تحفظه على موضوعها أو مخرجاتها؟ لا شيء يمنع أي مشارك في الحوار عن إعلام الرأي العام بما لم يعجبه أو ما لم يتفق عليه مع الذين دعوه للحوار؟ ولا شيء يمنع أيضا من قبول مخرجات هذا الحوار إذا كانت إيجابية وتخدم الصالح العام والوطن..
يبدو لي أن علينا اليوم أن لا نُضيِّع هذه الفرصة السانحة التي بإمكانها أن تضع الجزائر على الطريق الصحيح، وبدل توجيه سهام الاتهام لهذه اللجنة ينبغي تحية أعضائها أولا على قبولهم تحمل مسؤولية إدارتها رغم معرفتهم المسبقة بما سينتظرهم من ردود فعل سلبية تسارع إلى توجيه كل أشكال اللوم والاتهام لهم انطلاقا من الشكل قبل المضمون.. وثانيا لأنهم وضعوا شروطا 07 مسبقة قبل الشروع في عملهم وعلى رأسها تغيير الحكومة الحالية.
لذلك، أقول إن الوقوف إلى جانب الوطن في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها، يقتضي تضحيات وتنازلات لا شك فيه من قبل كل فرد مِنّا. وأدنى تنازل اليوم، أن نقبل الحوار مع بعضنا البعض، وأثناء الحوار نواجه الحجة بالحجة والرأي بالرأي إلى أن نصل إلى نتيجة توافقية… وإذا فشلنا نُكرر الحوار في جولة ثانية وثالثة إلى أن نهتدي إلى الحل الأمثل.

هو ذا الطريق الصحيح والأسلم والأقل خطورة الذي ينبغي أن نسلكه، وعلينا أن نُحاسب أنفسنا على قدرة الطرح الذي نحمله، وعلى قدرة الإقناع التي نملك، لا على قدرة البحث في أرشيف الناس لعلنا نجد عيبا من العيوب لديهم نضخِّمه ونُشهِّر به… وما أسهل إيجاد العيوب في كافة البشر والتشهير بهم!

لذا يبدو لي، أنه علينا، بغض النظر عن تحفظنا على هذا الشخص أو ذاك، على تطلعنا في أن يكون في هذه اللجنة هذا أو ذاك، أن نُركِّز على موضوع الحوار، وما الذي ينبغي أن نُقدِّمه؟ وما الذي سنخرج به في آخر المطاف؟ وكيف نُجسِّده؟

هي ذي الأسئلة الصحيحة التي تعيد الأمل للناس، وتمنع عن بلدنا السير نحو انزلاقات خطيرة وتؤكد لنا أننا بالفعل قد وضعنا أقدامنا في الطريق الصحيح.

المصدر الشروق