نفير وسط الأطباء الجزائريين للالتحاق بغزة من أجل إغاثة جرحى العدوان الإسرائيلي
يعيش سكان غزة تحت ويلات القصف العشوائي، منذ السابع أكتوبر الجاري، فعدد الموتى والجرحى يتطلب رعاية صحية خاصة، ومزيد من الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات والمرافق الصحية، فالتحديات التي يواجهها القطاع، وبالخصوص الأطقم الطبية التي لم تجد خيارا آمنا في علاج المرضى، كبيرة تحتاج إلى المتطوعين من الأطباء العرب والإمدادات الطبية، حيث ينتظر الكثير من أطباء الجزائر الضوء الأخضر والفتح الدائم لمعبر رفح لتقديم المساعدات الطبية في غزة..
وبدأت هبة الأطباء الجزائريين، بجمع الأدوية التي يتكفل الهلال الأحمر الجزائري بنقلها إلى قطاع غزة، فمن خلال تشكيل تنسيقية المجتمع المدني، تعمل الهيئات والجمعيات الطبية، بالتعاون معها على جمع الأدوية وبعض مستلزمات العلاج لإيصالها إلى المستشفى الكبير بغزة، وإلى المرافق الصحية التي يتدفق عليها الجرحى.
قائمة إلكترونية لتسجيل الأطباء المتطوعين
وفي هذا السياق، قال رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث
“فورام”، البروفسور مصطفى خياطي، إن ما يعطل أطباء الجزائر عن واجب وقوفهم
إلى أبناء غزة، هو غلق معبر رفح، مشيرا إلى أنه بمجرد بدء العدوان على
القطاع، والقصف العشوائي للصهاينة على سكان غزة، دخل بعض الأطباء الذين
لديهم اختصاصات تتعلق بالإنعاش، والجراحة، والعلاج المكثف في عمليات تربص
حول التطبيب والعلاج الحربي، فيما يوجد عدد كبير منهم لديهم هذا الاختصاص،
وهم متطوعون تابعون للهلال الأحمر الجزائري.
وأكد محدثنا أن الهيئة وضعت أرضية إلكترونية، لتسجيل الأطباء المتطوعين
للذهاب إلى قطاع غزة في انتظار فتح الحدود، كما يعمل هؤلاء على جمع
المساعدات الطبية والأدوية ومستلزمات العلاج، وتقديمها إلى الهلال الأحمر
الجزائري الممثل للدولة الجزائرية.
وتتكفل الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث العلمي، بحسب خياطي، بالجانب
السيكولوجي، حيث تدعو الأطباء المختصين في علم النفس، إلى تسجيل أنفسهم في
قائمة هؤلاء المختصين الذين لديهم استعداد التطوع والذهاب لمتابعة الأطفال
والأشخاص من سكان غزة الذين تعرضوا لصدمات نفسية، جراء المشاهد المرعبة
والمؤثرة التي خلفها القصف، ومناظر الجثث وأشلائها وتداولها عبر فيديوهات
وصور منصات التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي.
تنسيق مع مجلس أطباء العرب لإنجاح العملية
وفي سياق الموضوع، قال الدكتور محمد بركاني بقاط، رئيس عمادة الأطباء
الجزائريين، إنه شارك في مؤتمر مجلس اتحاد الأطباء العرب، يوم الخميس
الماضي، وعبر التحاضر المرئي، بصفته عضوا في هذا المجلس ممثلا للجانب
الجزائري، وأكد حماس الكثير من الأطباء في نصرة غزة من خلال تطوعهم في علاج
الجرحى.
وأوضح بقاط، أن الاجتماع الطارئ لمجلس اتحاد أطباء العرب بمشاركة 16 دولة
عربية من بينها الجزائر، تطرق فيه النقاش للوضع الصحي والإنساني في غزة،
وخلص إلى أن التواصل سيستمر إلى غاية فتح معبر رفع، مع كل أعضاء المجلس،
على أن تكون أطقم الأطباء المتطوعين جاهزة في أي لحظة للذهاب إلى غزة.
وقال الدكتور بقاط، إن اتحاد الأطباء العرب يطالب دول الجوار بفتح المعابر
للسماح بإدخال المساعدات والإغاثة والمستلزمات الطبية إلى غزة، حيث وضع
الاتحاد كافة كوادره من الأطباء والمسعفين والمستلزمات الطبية تحت تصرف دول
الجوار والتنسيق معها للاستفادة منها.
ويرى بقاط، أن ضغط الرأي العام العالمي لمساندة القضية الفلسطينية، يستدعي
أيضا ضغط رأي عام عند الأطباء عبر العالم، مشيرا إلى أن الأمانة العامة
لاتحاد الأطباء العرب تعمل بالتواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية ومنها
منظمة الصحة العالمية والصليب والهلال الأحمر الدولي وغيرها من الهيئات ذات
العلاقة، لتقديم المساعدات الطبية لجرحى قطاع غزة.
وفي الجزائر، يعمل مجلس عمادة الأطباء، بحسب رئيسه بقاط، على التنسيق بين
الأطباء من مختلف الاختصاصات الذين يرغبون في التطوع والذهاب إلى غزة، خاصة
الجراحين، والمختصين في العلاج المكثف، وبعض الممرضين، والمسعفين،
والبارعين في العلاج الحربي، استعدادا لتكوين وفد طبي تحت وصاية عمادة
الأطباء مثلما حدث سنة 2014، حين دخل الطاقم التابع لعمادة الأطباء إلى
قطاع غزة.
جرائم صحية في حق المدنيين
وقال ذات المتحدث، إن تنديدات الأطباء الجزائريين، ضد ما تداعت به الأحداث
في فلسطين، متواصلة، وبالتنسيق مع أطباء بلا حدود، من اجل تجريم العدوان
الإسرائيلي، الذي لا يراعي ما تستوجبه، المواثيق والعهود الدولية من قيود،
والذي يستهدف المدنيين دون تمييز وفرض حصارا كاملا على سكان القطاع، حارما
إياهم من المواد الأساسية للحياة، كالماء والكهرباء والطعام والدواء.
وما زاد إصرار الأطباء الجزائريين كغيرهم من أطباء بعض الدول العربية،
والأجنبية، على خوض معركة العلاج الحربي، والتضحية من أجل مصلحة الجرحى،
بحسب بقاط، هو استهداف مستشفى المعمداني الذي راح ضحيته قرابة 500 شهيد،
رغم ما نصت عليه اتفاقيات جنيف من حماية للمنشآت الطبية وطواقم الإسعاف
وتحريم المساس بالمدنيين.
ودعا الدكتور محمد بركاني بقاط، رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب، النقابات
والهيئات الطبية إلى التواصل مع عمادة الأطباء، وتقديم جميع ما لديها من
إطارات طبية أو تبرعات عينية لإعداد القوافل اللازمة بعد التنسيق مع الدول
العربية المعنية لدعم الشعب الفلسطيني مشيرا إلى أن اتحاد أطباء العرب،
اقترح إنشاء صندوق خاص لدعم القطاع الطبي في غزة بالمستلزمات الطبية
والمساعدات الإنسانية.
غزة تحتاج إلى مستشفيات ميدانية بأحجام صغيرة
من جهته، يرى الدكتور محمد كواش، طبيب مختص في الصحة العمومية، أن توجيه المساعدات الإنسانية والمتطوعين سيكون من الأفضل تحت رعاية الهلال الأحمر الجزائري وبصفته المسؤول عن الأطقم والأطباء والممرضين المؤهلين الذين خضعوا لتكوين خاص، لان الأمر، بحسبه، ليس سهلا فالإسعاف الطبي الحربي مبني على مقاييس علمية متطورة وإجراءات السلامة لحماية فريق العمل وحماية ضحايا الحرب، مع تكوين خاص ووسائل خاصة وعمل خاص.
والمطلوب بحسب كواش، تأطير امني صحي يرافق فرق الإسعاف الطبية لنجدة الجرحى والمصابين في ظل الوضع الإنسان والصحي الخطير، ومن خلال كل الإجراءات العلمية التي يفرضها انتشار الجثث وتكدسها في غرف الجثث أو المستشفيات وانتشار الأوبئة جراء تلوث مياه الشرب واختلاطها مع مياه الصرف الصحي.
وأكد محدثنا أن الفريق الطبي المتطوع، سيعمل على نظام عالمي مبني على مستشفيات ميدانية بأحجام مختلفة وبفرق تتناوب، بحسب التخصصات المختلفة والإسعاف الحربي، الخاص بحوادث الانفجار والحروق والكسور، إضافة إلى الطب النووي لعلاج ما تسبب فيه استعمال الأسلحة المحظورة المخلفة لتشوهات جينية وسرطانية.
وقال إن أهم التخصصات التي تحتاجها غزة في ظل القصف العشوائي على القطاع، تتعلق بالجراحة العامة وجراحة العظام، وجراحة المخ، وأطباء النساء والتوليد، مع دعم ذلك بأطقم طبية مكونة في العلاج الحربي.
المصدر : الشروق