“فورين بوليسي” الأمريكية : الحرب على غزة أضعفت “إسرائيل” داخليآ وخارجيآ

أكد تقرير بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية بأن مكانة “إسرائيل” على الساحة الدولية في ظل عدوانها على غزة أصبحت في حالة يرثى لها بما في ذلك علاقتها مع إدارة بايدن، مشيرةً إلى أنه في الداخل، أصبحت الانقسامات السياسية والاجتماعية في “إسرائيل” أكثر وضوحاً.

ووفق الصحيفة فإنه سوف يكون من الصعب للغاية تدمير حركة حماس بالكامل، ومن الممكن أن تنمو من جديد في غزة. كما لفتت إلى أنّ هناك ربع مليون إسرائيلي يعيشون بعيداً عن وحداتهم الاستيطانية، ولاستعادة الثقة يجب أن تكون “إسرائيل” قادرة على هزيمة أو ردع حماس وحزب الله، ولكن “الهزيمة” و”الردع” مفهومان بعيدا المنال،إذ إنه يمكن أن تحدث كارثة محتملة لـ”إسرائيل” إذا اندلعت حرب واسعة النطاق مع حزب الله، وفق الصحيفة. وأشارت المجلة إلى أنه بالنسبة لـ”إسرائيل” فقد تقع في مأزق في حال قللت من شأن حماس، وقوّت الحركة عن غير قصد، وأضعفت التماسك الداخلي، وفشلت في الانتقال من الحرب إلى الحكم في غزة، وقوّضت علاقتها بالولايات المتحدة.وتابعت المجلة أنه “من غير المرجح أن تقوم القوات الإسرائيلية أثناء القتال بتصنيف قتلاها بعناية، وقد تحسب بسهولة جميع الذكور في سن القتال كمقاتلين مفترضين. بالإضافة إلى ذلك، قد يحمل بعض الأشخاص في غزة السلاح لأنهم يتعرضون للهجوم، مما يزيد من أعداد عناصر حماس الإجمالية. حماس متجذّرة بعمق في غزة ولفتت إلى أنّ “حماس متجذّرة بعمق في غزة. وقد نشأ جيل تحت سيطرتها. ولها قاعدة قوة في مجتمع اللاجئين في غزة. وبفضل هذه الجذور العميقة، تستطيع حماس أن تنمو من جديد بسهولة، حتى لو تمّ تدمير الغالبية العظمى من أجهزتها القتالية”.

ورأى التقرير أنّ “حماس هي أكثر من مجرد منظمة، فهي تجسد أيضاً ما تسميه المقاومة، باستخدام العنف لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة وفي نهاية المطاف تدمير “إسرائيل” ء وهي عقيدة يتبناها العديد من الفلسطينيين وكذلك حزب الله وإيران والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى” ولفت إلى أنّ هجوم 7 أكتوبر أثار صدمة العديد من الفلسطينيين ومعظم العالم الإسلامي، حيث ارتفعت نسبة الموافقة على الهجوم إلى أكثر من 80% في الضفة الغربية. وكان الرد العدواني الإسرائيلي والمستويات المرتفعة من الخسائر في صفوف المدنيين سبباً في إثبات الأساليب التي تتبعها حماس بين كثيرين في المنطقة. وأوضح أن هذا الأمر يفسر التربة الخصبة التي تمتلكها حماس أو أي جماعة مقاومة أخرى ء وهو عامل مهم على المدى الطويل، حيث ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون شخص تحت سن 18 عاماً”. أما في خارج غزة، “فقد تولد هذه المعطيات الدعم لإيران وغيرها من أعداء “إسرائيل”، ويجعل من الصعب على الدول الصديقة في العالم العربي، مثل مصر والإمارات، العمل بشكل علني مع إسرائيل”. كما تناول التقرير هجوم 7 أكتوبر (بدء معركة طوفان الأقصى)، والذي أجبر العديد من الإسرائيليين على ترك وحداتهم الاستيطانية في الجنوب بالقرب من حدود غزة. وأدّى إطلاق حزب الله للصواريخ وقذائف الهاون بشكل شبه مستمر على شمال فلسطين المحتلة إلى نزوح عشرات الآلاف الآخرين. ويعيش اليوم نحو 250،000 مستوطن بعيداً عن مستوطناتهم.

ورأت المجلة أنّ “استعادة الثقة سوف يكون أمراً صعباً، على المستويين العسكري والنفسي. ويجب أن تكون “إسرائيل” قادرة على هزيمة أو ردع كل من حماس وحزب الله. ولكن الهزيمة والردع مفهومان بعيدا المنال، ويتعين على “إسرائيل” أن تقنع شعبها بأنه في أمان، وهذا أمر صعب نظراً لفشل 7 أكتوبر”. أما في الجنوب بالقرب من غزة، “فسوف تتطلب استعادة الثقة هزيمة شاملة وواضحة لحماس. وفي الشمال، سيتطلب الأمر من حزب الله نقل المزيد من وحدات النخبة بعيداً عن حدود “إسرائيل” لضمان عدم وقوع هجوم مفاجئ. وقد تحتاج “إسرائيل” أيضاً إلى نشر أعداد كبيرة من القوات على كل جبهة وتزويد كل منطقة مأهولة بالسكان بقدرات أكبر للدفاع عن النفس. مثل هذه التدابير مكلفة وصعبة بشكل خاص على “إسرائيل” لأنّ قوتها العسكرية تعتمد على جنود الاحتياط، مما يجعل من الصعب الحفاظ على جيش كبير في حرب طويلة”. ووفق تقرير “فورين بوليسي” فإنه يمكن أن تحدث كارثة محتملة لـ”إسرائيل” إذا اندلعت حرب واسعة النطاق مع حزب الله، لما لدى الحزب من “عدد أكبر بكثير من المقاتلين الأكثر مهارة والأكثر خبرة ء وترسانة من الصواريخ وقذائف الهاون تفوق تلك التي تمتلكها حماس، وتتضمن ذخائر دقيقة التوجيه”

كما تناول التقرير الانتقادات الدولية للحملة الإسرائيلية والتي تتصاعد، فيما تعتمد “إسرائيل” على الولايات المتحدة للحصول على الذخائر (وهي ضرورية بشكل خاص لحرب ضد حزب الله). وتقدم الولايات المتحدة أيضاً الدعم المالي الذي تشتد الحاجة الإسرائيلية إليه. ومع ذلك، رأى التقرير أنه يمكن أن تنحرف العلاقة بسهولة. ويحاول الرئيس الأميركي جو بايدن إدارة الحزب الديمقراطي المنقسم، الذي يعارض معظمه دعمه القوي لـ”إسرائيل”.. وهنا يمكن لهذه الفجوات السياسية والاستراتيجية أن تقسم الولايات المتحدة و”إسرائيل”، مما يترك الأخيرة أكثر عزلة على المستوى الدولي وبدون الدعم العسكري الذي تحتاجه. وخلص تقرير “فورين بوليسي” إلى أنّ هناك قائمة من المشاكل المحتملة تشير أيضاً إلى أنّ “إسرائيل” ستحتاج إلى تقليص أهدافها. وربما يتعين عليها أن تكتفي بشنّ غارات منتظمة على حماس وردعها. ويجب على “إسرائيل” أيضاً أن تخطط للمدى الطويل، مع الاعتراف بأنها لا يمكن أن تبقى في حالة حرب إلى الأبد، ويجب عليها الحفاظ على علاقتها مع الولايات المتحدة.

المصادر: فورين بوليسي، الميادين