عبد الرزاق مقري : المؤمنون الجزائريون إخوة، وشيطنة الدكتور بلغيث لا مبرر لها

إنما المؤمنون الجزائريون إخوة
بقلم عبد الرزاق مقري
يستطيع أي أحد أن يخالف الدكتور بلغيث في الأطروحات التي قدّمها في القناة الإماراتية، وفي توقيت حديثه، ولا شك أن حديثه في موضوع حساس لقناة إماراتية خطأ إذ لا همّ لحكام الإمارات إلا تدمير الأمة الإسلامية وهم يستغلون أي رأي لتغذية ما يفرق المسلمين، غير أنه لا يوجد أي شيء في ما قاله يستدعي شيطنته وإلقاء القبض عليه، لا سيما أن للرجل مكانته العلمية، وسمته الوطني.
إن الخروج من الإطار العلمي إلى التهارش السياسي بشأن اختيار كلمة “أمازيغ” أو “بربر” في تسمية المكونات السكانية، وحول أصل الأمازيغ أو البربر هل هم عرب أو غير ذلك لغو لا وزن له، والانقسام على أساس ذلك أمارة من أمارات التخلف، والتوجه إلى فضاء القضاء ما لم تكن ثمة إساءة للسكان بهذا الخصوص لا مبرر له. فالذي ينتقد اسم “زيد” كاسمٍ دون الإساءة لمن يحمل الاسم لم يسئ لأحد، حتى وإن كان مخطئًا لتعرضه للاسم ذاته.
وأنا شخصيا أشهد أن الكلمة التي كانت شائعة حين كنا في الجامعة في بداية الثمانينيات كانت “البربر” ولم تكن ” الأمازيغ” والدليل على ذلك أن الحركة التي كانت تعمل من أجل الحقوق الثقافية كانت تسمى “الحركة الثقافية البربرية” ء MCB ء وبعد أن ظهرت كلمة “الأمازيغية” ثمة من تقبلها وثمة من لم يتقبلها وذهب الناس في ذلك مذاهب وتأويلات شتى، وليست العبرة في الأسماء ولكن في حقيقة المسميات، فقد يكون “زيدا” رجلا طيبا وقد يكون سيئا.
لم يقل بلغيث شيئا جديدا البتة، كل ما تطرق إليه هو موضوع نقاش علمي وثقافي قديم كُتبت فيه الكتب والمقالات والبحوث بلا حد ولا عدد، منها ما يؤيده ومنها ما يعارضه، والتصريحات التي أساءت لعناصر الهوية الأخرى الإسلام والعربية كثيرة، وثمة من فعل ذلك وهو مبجل مقرب في وسائل الإعلام ولدى السلطات.
إن بيان التلفزيون الجزائري وتحريك القضاء لوقف دكتور بلغيث سيؤجج الاحتقان الهوياتي ولا يهدئ الأوضاع.
وعجيب ما اطّلعت عليه في بيان لأحد الأشخاص البارزين في رده على الدكتور بلغيث ببيان رسمي إذ ذكر الهوية العربية والأمازيغية ولم يذكر الإسلام الذي يجمعنا. والأخطر أن سياسية معروفة نفت هويتنا العربية في ردها على دكتور بلغيث ودعت إلى الانسحاب من الجامعة العربية
إن ما يجب الانتباه إليه أن الصراع حول قضايا الهوية أمر طارئ في تاريخ الجزائريين أنشأه الاستعمار الفرنسي وغذاه أزلامه الكامنون في مفاصل الدولة للمحافظة على نفوذهم واستعمله الاستبداد بشكل عام لإلهاء الجزائريين عن قضايا أساسية تتعلق بحرياتهم وبمصيرهم ومستقبلهم.
أيها الجزائريون إنكم جميعا إخوة كما قال الله تعالى: (( إنما المؤمنون إخوة)) وإن العلاج الحقيقي لقضايا الهوية هو التزام الجميع بتعاليم ديننا الحنيف. والآيات والأحاديث المؤسسة لإبطال التفاخر بالأعراق والأنساب كثيرة منها ما جاء في خطبة المصطفى عليه الصلاة والسلام مما ورد في سنن الترمذي عن ابن عمر ءرضي الله عنهماء أنه صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية ءكبرها وفخرهاء وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، قال الله: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}