حوار مع القيادي في حركة عزم فيصل عثمان

من نعم الحراك الشعبي الذي إنطلق يوم 22 فيفري أنه ساهم في بروز تيارات سياسية جديدة تستمد خطابها ومماراستها من تراث ثورة نوفمبر المجيدة وفي هذا السياق نشأت حركة عزم التي تعد رافدآ من روافد الحراك الشعبي المبارك على طريق التغيير المنشود من أجل إستعادة أمانة الشهداء من أيدي الذين خانو الأمانة ولتعريف قرائنا الكرام بهذه الحركة الفتية نقدم لهم هذا الحوار مع القيادي في الحركة فيصل عثمان٠

هل تستطيع تقديم حركتكم بطريقة وجيزة؟

حركة عزم، كما ورد في بيانها التأسيسي تمثل امتدادا للحركة الوطنية ومبادئها وأهدافها، تتّخذ من بيان الفاتح نوفمبر مرجعية، ومن ثوابت الشعب التي بيّنها ثوابتَها، ومن هدف بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية أسمى أهدافها، وهي بذرة في أرض الجزائر الطاهرة، غرسناها على إثر مبادرة منّا ونريد أن ترعاها أيادي شباب الجزائر وتتعهّدها بالعناية.

وهي تنظيم سياسي نشأ كفكرة ونواة قبل الحراك الشعبي، لكن أعلنّا عن تأسيسه يوم 16 مارس 2019 وكانت بذلك أوّل تنظيم ينشأ على إثر مسيرات 22 فبراير، ونحن الآن ننتظر ردّ وزارة الداخلية على طلبنا عقد مؤتمر تأسيسي نهاية شهر أوت الفارط لتصبح حركتنا حزبا سياسيا بشكل رسمي.

ما موقف حركتكم من الحراك وهل شاركتم فيه؟

حركة عزم بالأساس رافد من روافد الحراك الشعبي، شاركت فيه ودعمته، واحتضنت مطالبه وتبنّتها وفق ما يخدم المصلحة الوطنية ويحقّق آمال وطموحات الشعب الجزائري، ورشّدت عزم تلك المطالب وصاغت في هذا الصّدد مجموعة من المبادرات منذ إعلان تأسيسها وحتّى قبل فتح الحوار من أجل تعديل قانون الانتخابات وتأسيس السلطة المستقلة للانتخابات كانت حركة عزم سبّاقة لتقديم رؤية تقنية مفصّلة لتشكيل تلك الهيئة وصغنا مبادرتنا في مقترحي قانونين عضويين يتجاوزان 87 مادة.

وأشير هنا إلى أنّنا لا ننظر إلى الحراك نظرة قاصرة ولا نختزله في مجرّد التظاهر في الشارع بل نرى أنّ من الضروري أن ينتقل الحراك إلى كلّ المجالات ويصبح ديناميكية متواصلة للتغيير على كلّ المستويات.

هل أنتم مع تمثيل الحراك وما هي الاليات؟

قضيّة التمثيل هذه صارت كلمة مائعة، العمل السياسي يتمّ ضمن تنظيمات وأحزاب سياسية، وهذا هو النمط الحقيقي للتمثيل، ومن يزكّيه الصندوق لاحقا يمثّل الأغلبية التي انتخبته بعيدا عن العشوائية والمفاضلة بين الأسماء في مواقع التواصل الاجتماعي، أو محاولات فرض أسماء معيّنة وتشكيلات سياسية ذات انتماءات إيديولوجية ضيقة من خلال وسائل الاعلام.

في نظري، علينا الانخراط في العمل السياسي انطلاقا من تأسيس أحزاب سياسية جديدة والبدء باحتلال مساحات أوسع على الساحة السياسية والتوقّف عن العشوائية والفوضى، هذه هي الآليات الواجب صناعتها.

ما كان موقفكم من انتخابات 12/12 و هل شاركت الحركة فيها بصفتها حركة ام ترك الأمر بكل ديمقراطية للأعضاء لاختيار مواقفهم؟

نحن عبّرنا في مختلف بياناتنا عن موقفنا من انتخابات 12 ديسمبر، وأكّدنا على أنّها خيار استراتيجي بالنسبة إلينا وعلّلنا ذلك بحجج أوردناها وفصّلنا فيها، لقد كانت تلك الانتخابات الضامن الوحيد لاستمرار كيان الدولة لا النظام، وهذا ما سعينا إلى إثباته طيلة أشهر وقد اخترنا من البداية المسار الدستوري الذي يفضي إلى الانتخابات بالضرورة.

أمّا داخليا فقد تركنا لمناضلينا الحقّ في التّصويت على من يرونه مناسبا لإدارة البلاد من بين اثنين من المرشحين بعد سبر آراء الأغلبية وتمّ ذلك.

ما موقفكم من مبادرة تبون للحوار ويده الممدودة وهل ستكونون كحركة حاضرين في الحوار أو هل أنتم مستعدون لأن تكونوا طرفا إن اقترح عليكم ؟

بالنسبة إلينا الحوار من حيث المبدأ مطلوب ولا يرفضه أحد، لكن الحديث عن الموقف منه يقتضي العلم بمجموعة من المعطيات: موضوع الحوار، أطرافه، آليات اختيار تلك الأطراف، والهيئة المشرفة على الحوار إن وجدت، والمدى الزمني المخصّص للحوار.

وينبغي أن تحدّد بدقّة هذه المعطيات ليتحقّق الغرض من الحوار، غير ذلك لا يمكن اتّخاذ موقف من عنوان هلامي غير دقيق، وفي نظرنا فإنّ الموضوع الوحيد الذي يستحقّ أن يفتح حوار بشأنه هو موضوع الإصلاحات الدستورية.

ما هي مشاريعكم في ظل مستقبل الجزائر الجديدة بعد الانتخابات؟

هناك أولويات تقتضيها المرحلة ويجب علينا جميعا السعي لتحقيقها، نولي أهمّية كبرى لترسيخ الهويّة النوفمبرية للدولة، وإعادة الاعتبار لثوابتها ولمؤسّساتها، كما نسعى بكلّ جهد لبناء ثقافة سياسية جديدة وإعادة بناء العلاقة بين الطبقة السياسية والسلطة القائمة من جهة، وبين الأحزاب والفعاليات السياسية فيما بينها.

مهمّتنا كحزب سياسي، تكمن في المساهمة في أخلقة الحياة السياسية وتنشئة الأجيال وفق تقاليد وأعراف حديثة تضمن الوصول إلى بيئة صحّية تسمح بممارسة الفعل السياسي بمعانيه الإيجابية، مثلما نصبو إلى إحداث قطيعة نهائية مع الممارسات القديمة وإثراء المشهد السياسي بتصوّرات ومبادرات وأطروحات سياسية شاملة تتماشى مع روح العصر وتلبّي طموحات المواطن، وهذا أينما كان موقعنا سواء في السلطة أو المعارضة.

ونرى أنّ دفع الأغلبية الشعبية لاقتحام العمل السياسي المنظّم لاسيما شريحة الشباب أولوية قصوى والتزام أخذناه على عاتقنا منذ مرحلة ما قبل التأسيس وسنستمرّ فيه.

هل البدء بمراجعة الدستور أولوية في نظر الحركة ؟

مراجعة الدستور الحالي ضرورة تقتضيها المصلحة العليا للدولة، لكنّ الوصول إلى إصلاح دستوري حقيقي يجعل من هذا المسعى خطوة فعّالة لبناء دولة العدل والقانون يقتضي فتح ورشات حقيقية لمعالجة مختلف الاختلالات والنقائص الجوهرية التي أدّت إلى الحكم الفردي وتجميع السلطات بيد زمرة واحدة وسمحت بنشأة كيان موازي لكيان الدولة يحتكر الثروة والقرار السياسي، إضافة إلى ضرورة الوصول إلى صيغة تزيل نهائيا منطق التوازنات الجهوية، هذه البدعة التي مهّدت لتكريس الفئوية والعنصرية والتهميش المناطقي وشتّى أنواع التمييز والمحاصصة في تولّي المسؤوليات والتوزيع الجائر للثروة بين أبناء الوطن الواحد.

في هذا الإطار بدأت اللجان المختصّة في الحركة منذ أشهر بلورة وصياغة تصوّر شامل لما يجب أن يكون عليه دستور الجزائر الجديدة، سيما التكريس الحقيقي لمبدأ الفصل ما بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية ، واستحداث مؤسسات دستورية مستقلة على غرار مجلس أعلى للتربية والتعليم، وتعزيز استقلالية المجلس الأعلى للقضاء والانتقال من نمط التعيين إلى الانتخاب ما بين النظراء على مستوى هذا المجلس الذي ينبغي أن يضطلع في المرحلة المقبلة بأدوار أوسع في مسار تكريس استقلالية القضاء.

كما نرى أنّ التأسيس لنظام حكم جديد يحفظ التوازن بين مختلف السلطات ويحدّ من سيطرة السلطة التنفيذية على نظيراتها، ويمنح السلطة التشريعية صلاحيات أوسع حتمية سياسية لا يمكن بحال تجاوزها.

ما موقفكم من الأحزاب القديمة؟ وهل لديكم رؤية لتشكيل الساحة حزبيا وجمعويا وبعث دم جديد ؟

تحدثت فيما سبق عن بناء نمط علاقات جديد بين الأحزاب السياسية فيما بينها، هذه العلاقات ينبغي أن تقوم على أساس التنافس الشريف بين البرامج وفي ظلّ الاحترام المتبادل بعيدا عن خطاب العنف والكراهية.

حركة عزم وضعت ميثاق شرف سياسي دعت كلّ الفاعلين لتبنّيه والعمل تحت لوائه من أجل أداء حزبي يرتقي بالفعل السياسي إلى أعلى درجات المواطنة والمنافسة الشريفة وترك الحكم للصندوق الانتخابي، وستعمل حركتنا على التقيّد ببنوده.

الخارطة السياسية ستتغيّر حتما، وستحتلّ الأحزاب الجديدة مكانة أفضل إذا أجادت استغلال الفرصة، بيولوجيا هناك الكثير من الشخصيات انتهت، وسياسيا عدد كبير من الأحزاب فقدت شعبيتها وتهاوت أسهمها ما يجعلها آيلة للاندثار، وفي كلّ الأحوال لا مفرّ من غربال الانتخابات لتصفية الساحة الحزبية نهائيا، هذه هي الديمقراطية من لا يعمل يندثر.

كلمة أخيرة الجزائريين المتطلعين للحرية

التغيير مسار طويل علينا أن نباشره سريعا، لا مجال للفوضى والعشوائية، نحن في حاجة إلى مشروع سياسي ذو أساس علمي وفعّال نريد أن تشارك الأغلبية في صياغته وبنائه وهذا واجبنا جميعا، على الجزائري أن ينتقل من المطالبة إلى المغالبة ومن ردّ الفعل إلى الفعل، فلنمارس السياسة على أصولها كي لا نعود إلى نقطة الصفر، والبداية بالتخلّي عن السلبية بتأسيس تنظيمات جديدة أو الانخراط في التي نشأت دون انتظار.