حملة دعائية مسعورة تستهدف مؤسسات الدولة الجزائرية
محمد إبراهيم
في غياب تواصل رسمي بمستوى التحديات الراهنة شكلت التغييرات الأخيرة التي قررها رئيس الجمهورية داخل الأجهزة الأمنية وما رافقها من إقالات في صفوف الضباط الساميين التابعين لتلك الأجهزة فرصة سانحة لبعض الأبواق الإعلامية المعروفة بإرتزاقها الخسيس عبر اليوتوب لشن حملة دعائية مغرضة تستهدف مؤسسات الدولة بصفة عامة والمؤسسة العسكرية بصفة خاصة٠ وتتشكل هذه الحملة الدعائية من عدة محاور: المحور الأول يتمثل في محاولة تقديم التغييرات الأخيرة وعلى رأسها إقالة الجنرال واسيني بوعزة كأنها عملية تستهدف رجالات المرحوم قايد صالح٠ المحور الثاني يتمثل في محاولة تقديم التغييرات الأخيرة كأنها توحي بعودة رجالات الجنرال توفيق وفي هذا السياق ذهب موقع قريب من المخابرات المغربية الى حد القول بأن “جماعتي نزار و توفيق قررت مساندة الرئيس تبون و اللواء شنقريحة في حربهما ضد بقايا المرحوم قايد صالح”٠ والغريب في هذه الحملة الدعائية المغرضة فإن المصادر التي تحاول تقديم إقالة الجنرال بوعزة كأنها ضربة موجهة ضد إرث المرحوم قايد صالح تزعم في نفس الوقت بأن الجنرال بوعزة تآمر على المرحوم قايد صالح وكان يخطط للإطاحة به لو نجح في فرض عزالدين ميهوبي في منصب رئيس الجمهورية !
هذه التناقضات خير دليل على أننا أمام حملة دعائية خطيرة تفرض على جميع الوطنيين الحذر و اليقظة٠ إن التغييرات التي فرضها المرحوم قايد صالح في السنوات الأخيرة ساهمت بقدر كبير في تطهير المؤسسة العسكرية و الأمنية من رموزالكيان الموازي المرتبط بالأقليات النافذة ولكن في نفس الوقت لم يتمكن المرحوم قايد صالح من ملء الفراغ الناجم عن عملية التطهير التي مست الأجهزة الأمنية ويبدو أن الرئيس تبون و قائد الأركان اللواء شنقريحة تفطنوا لهذه الظاهرة الخطيرة و يحاولون
تصحيح الأمر من أجل إستعادة فاعلية و هيبة الأجهزة الأمنية و ليس من المستبعد أن تستغل فلول النظام السابق مثل هذا الظرف الحساس للعودة من خلال ترقية بعض رجالاتها في مناصب مهمة داخل أجهزة الأمن المختلفة٠
كيف يمكن في هذه الظروف تجنب فخ الدعاية المسمومة التي يهدف أصحابها ضرب معنويات المجتمع و الجيش ؟ على الوطنيين الإبتعاد عن كل ما يتعلق بالصراعات الشخصية و الفئوية٠ لا يهمنا فلان أو فلان بقدر ما تهمنا الخيارات السياسية و الإقتصادية الإجتماعية والثقافية والدبلوماسية المطروحة أمام أعيننا على أرض الواقع والتي ننتظر بوادرها بعد الخروج من الحجر الصحي سواء ما تعلق بمراجعة الدستور أو ما تعلق بالملفات الإقتصادية و الإجتماعية العاجلة: إعادة هيكلة الدولة الجزائرية بما يتناسب مع الواقع الديمغرافي والتوازن الجهوي، خيار نموذج تنموي يرتكز على المعرفة والإنسان الأمر الذي يتطلب تدريس المواد العلمية في الطور الأول الجامعي باللغة العربية و التوجه نحو اللغة الإنجليزية في مجال البحث العلمي والتكنولوجي، الشروع العاجل في إنجاز البرنامج الوطني للطاقات المتجددة ولو تطلب ذلك الشراكة مع مجمعات أجنبية قادرة على تقديم إضافة تكنولوجية في هذا المجال، التوجه نحو إستعادة الجزائر لمكانتها كقطب زراعي على الصعيدين الإقليمي و العالمي عبرالإستثمار في الفلاحة الصحراوية، الخ