ما أهمية التجارب الصاروخية للمقاومة الفلسطينية بغزة؟

بقلم أحمد صقر

تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تجهيزاتها واستعداداتها في فترات التهدئة، لصد أي عدوان للاحتلال الإسرائيلي، ولعل أبرز هذه التجهيزات يتمثل في سماع الفلسطينيين لأصوات الصواريخ التجريبية المنطلقة باتجاه البحر.


وتعمل أجهزة الاحتلال العسكرية والأمنية، على رصد دقيق لتلك التجارب شبه اليومية، حيث يتم إطلاق صواريخ محلية الصنع نحو البحر، وسط صمت مطبق على تفاصيل تلك التجارب، من قبل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس.


وسعى الاحتلال بالتعاون مع العديد من الأطراف المختلفة ومنها العربية الرسمية، إلى قطع أي إمداد خارجي لفصائل المقاومة بقطاع غزة، في محاولة لحرمانها من تطوير قدراتها الدفاعية، في حين تشي العديد من المؤشرات إلى نجاح المقاومة في تجاوز حصارها وتمكنها من تطوير سلاحها بإمكانات محلية.


ويشار هنا إلى أن المقاومة بغزة استعانت ببعض الخبرات الخارجية، مثل المهندس التونسي محمد الزواري، الذي أشرف على مشروع تطوير الطائرات بلا طيار في وحدة التصنيع التابعة لـ”كتائب القسام”، ويُتهم جهاز “الموساد” الإسرائيلي، باغتياله في تونس يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2016.


وعن أهمية ورسائل الصواريخ التجريبية التي تطلقها المقاومة باتجاه البحر، أوضح الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب، أن “الصواريخ التجريبية، هي مؤشر على الاستمرار في عملية التطوير ومراكمة القوة لدى المقاومة الفلسطينية، غير المعنية بكشف كل ما تملكه أمام العدو، وهذه استراتيجية مهمة جدا لدى أي جيش أو فصيل مقاوم”.

وتابع في حديثه لـ”عربي21″: “المقاومة تجد نفسها مضطرة لهذا الفعل، لتجريب ما طورته من أسلحة من خلال البحر الذي يعتبر مجالا مفتوحا أمام المقاومة يمكن لها أن تمارس فيه أعمالها المختلفة، في حين أن هناك بعض الدول التي تمتلك الصحارى والأراضي المفتوحة”.


ونوه حبيب إلى أن “الاحتلال يرصد ويتابع هذه التجارب بدقة، ونحن لاحظنا أن المقاومة لا تعلن عن تلك التجارب الصاروخية نحو البحر، في حين أن الحديث يأتي عنها من خلال جيش الاحتلال الذي يحاول رصد ما يجري في القطاع، وتحديد مدى تلك الصواريخ”.


وأشار إلى أن “المقاومة الفلسطينية تعلمت من التجارب السابقة، وتحاول أن تفقد الاحتلال منطق المبادأة واستنزاف القوة، عبر الوصول لحالة الردع والإبقاء على حالة تراكم القوة، التي لا بد أن يأتيها يوم وتفرض فيه معركة مع الاحتلال”.


روح قتالية


وشدد الخبير الأمني على ضرورة أن تكون “المقاومة جاهزة، لا أن تستنزف قدراتها لحظة بلحظة، وعند المواجهة الحقيقية تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وما يجري يدلل على فهم عميق لدى المقاومة الفلسطينية التي استغرقها الأمر عدة سنوات حتى وصلت إلى هذا الفهم”.


ولفت إلى أن “دلالات تلك التجارب، أن المقاومة لا تقف عند حد معين، وهي مستمرة في عملية التطوير، وهي في كل يوم تقدم الأفضل، وتطور من أسلحتها كي تكون جاهزة لأي عدوان إسرائيلي قادم، وهي دلالة على قدرة المقاومة على تجاوز حصار القطاع، وامتلاكها لقدرات تصنيع الصواريخ بالكامل داخل القطاع عبر جهود ذاتية”.


وأكد أن “نجاح المقاومة في الاعتماد على قدراتها الذاتية وعلى نفسها في تصنيع سلاحها للدفاع عن الشعب الفلسطيني من أي عدوان إسرائيلي، يمثل مشكلة للاحتلال الصهيوني”.


وبشأن رؤية الاحتلال لصواريخ حماس التجريبية، أكد الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، أن “الاحتلال ينظر لما يجري في غزة بكثير من القلق، وهو يعتبر أن المقاومة استطاعت بناء روح قتالية عالية في القطاع، وأنها تعمل على تطوير سلاحها بشكل مستمر”.


وذكر في حديثه لـ”عربي21″ أن هذه التجارب تجري، في الوقت الذي “يجهل فيه الاحتلال مدى القوة الموجودة لدى المقاومة، وبالتالي هو ينظر لهذا الموضوع بعين الخطورة”، منوها إلى أن “المشكلة لدى الاحتلال، أنه ليس لديه قرار واضح في آلية التعامل اللازمة من أجل إيقاف هذا التطور”.


وعن كيفية عمل الاحتلال للتعامل مع مواصلة تطوير المقاومة من سلاحها محلي الصنع، فقد بين أبو عواد، أن “الاحتلال يسعى لمنع هذا التطور بعدة أدوات أهمها الحصار، وتأليب الإقليم والسلطة الفلسطينية على المقاومة، ومحاولة افتعال فوضى داخلية تشغل المقاومة، وأخيرا التفكير بعمل عسكري جدي للقضاء على قدرات المقاومة”.


وعن دلالة تحدي المقاومة لحصار الاحتلال والمضي قدما في تطوير صواريخها وقدراتها ذاتيا، قال المختص: “المقاومة، هي جيش وطني فلسطيني ينوي تحرير فلسطين، وبالتالي فإن عليه التحدي ومواصلة العمل وتجاوز التحديات، ولهذا تطور المقاومة قدراتها وأدواتها يوميا”.

المصدر: عربي 21