صواريخ المقاومة…التهديد الأخطر للكيان الصهيوني

كان ملحوظاً بصورة واضحة حجم التركيز الإعلامي الصهيوني خلال الأسابيع والأشهر الماضية على ما بات يسمى في الدوائر الأمنية بـ”التهديد الاستراتيجي” الآتي من قوى المقاومة الفلسطينية، والمتمثل بالصواريخ قصيرة المدى، سواء كان منها المصنعة محليا، أو التي تحصل عليها من خلال شرائها أو تهريبها، وباستخدامها لأسلوب الصواريخ والقذائف، دخلت المقاومة مرحلة جديدة من المواجهة، حيث استطاعت وقتما تريد تهديد أمن الصهاينة، جنودا ومستوطنين، وبوقوع عدد من القتلى، ناهيك عن عدد أكبر من الإصابات، جراء سقوطها على المستوطنات والمواقع العسكرية، وفشل كل محاولات جيش الاحتلال من منعها، دخلت المقاومة مع الاحتلال في معادلة صراع جديدة.<BR>وجاء هذا التنوع في إنتاج الصواريخ والقذائف في ظل ما نقل عن رئيس قسم الأبحاث في هيئة الاستخبارات العسكرية “يوسي كوبرفاسر” أن بعض المنظمات تواصل محاولاتها لارتكاب هجمات إستراتيجية داخل الكيان، علما بأن الفلسطينيين ما زالوا يواصلون إنتاج الوسائل القتالية بما فيها القذائف الصاروخية.جهود المقاومة..تتجاوز إجراءات الجيش>بالإضافة للصواريخ التقليدية التي تملكها قوى المقاومة الفلسطينية، كالقسام بأنواعه المختلفة، 1-2-3، والبتار، والياسين، والناصر، والقدس، فقد أعربت مصادر أمنية صهيونية عن خشيتها من حصول المقاومة على صواريخ من طراز “فجر”، التي يبلغ مداها بين 43-73 كيلو متر، بحيث يمكن تهريب أجزاء من مثل هذه الصواريخ عبر الأنفاق التي وصلت عبرها صواريخ غراد إلى غزة أيضا”، فضلا عن جهود المقاومة – كما تعترف ذات المصادر- للحصول على صاروخ كتف مضاد للطائرات يدعى “ميساغ 1” يمكنه أن يسقط طائرات على مسافة 4 كم.

وفي سياق متصل، ذكرت محافل أمنية أن حركة حماس استغلت الثغرة التي فُتحت على الحدود مع مصر مؤخرا لتهريب كميات كبيرة من السلاح المتطور، وقالت أن رجال حماس أدخلوا نحو 150 صاروخاً وقذيفة، كما أدخلوا صواريخ غراد بطول نحو 3 أمتار، كان يصعب تهريبها عبر الأنفاق، بالإضافة إلى كميات من الصواريخ المضادة للدبابات وألغام متطورة ضد الدروع، إلى جانب كميات كبيرة من المواد المتفجرة اللازمة لإنتاج صواريخ القسام”، ولفتت الصحيفة إلى أن “جزءاً من المعدات العسكرية التي أُدخلت في صناديق كان مكتوباً عليها باللغة الروسية”.>ونقلت بعض التسريبات الصادرة من اجتماعات لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن حركة حماس أجرت تجربة ناجحة لصواريخ محلية الصنع يصل مداها 16 كيلومتراً، وتستطيع الوصول شمال عسقلان، وبالتالي فإن المعنى العملي لنجاح التجربة ليس أن بإمكان حماس أن تقصف شمال عسقلان، بصواريخ كاتيوشا، بل أيضاً بصواريخ بسيطة من إنتاج ذاتي، بعدما كان مدى القسام لا يتعدى 12 كيلومتراً، مشيرة إلى أن الصاروخ الجديد أُطلق من شمال القطاع باتجاه الجنوب، وسقط في منطقة مفتوحة بالقرب من رفح، لمسافة تصل إلى 16.5 كيلومتراً من موقع إطلاقه.وقدرت مصادر عسكرية أن تصل حماس في غضون أشهر إلى إنتاج منتظم لصواريخ “القسام” لمدىً أبعد من النوع الذي أُجريت التجربة عليه، ما يعني إنهاء تعلق حماس بالصواريخ المستوردة من المهربين إلى القطاع، ويسمح لها بإطلاق صليات أكبر وأطول نحو الكيان، على أن تكون عسقلان الهدف الأكثر جاذبية. الأخطر من ذلك، ما كشف عنه المراسل العسكري الأبرز “اليكس فيشمان” مؤخرا حين قال أن الصناعة العسكرية لقوى المقاومة، لاسيما حركة حماس، طورت خط إنتاج حصري ينتج منظومة سلاح قابلة للتفكيك لأجزاء صغيرة، لتسهيل تهريبها للقطاع، سواء بالأنفاق الأرضية، أم عبر البحر، أم عبر محور صلاح الدين. >وأحد النماذج الواضحة لمنظومات السلاح من هذا النوع هو صاروخ غراد الذي يتيح تفكيكه لأربعة أجزاء، وبعد إدخاله لقطاع غزة يكون ممكناً إعادة تركيبها، وإنتاج صاروخ بكامل المواصفات، ويأتي هذا الكشف عقب ما أعلن عنه رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية “الشاباك” يوفال ديسكن في جلسة الحكومة الشهر الماضي أن حركة حماس نجحت في إدخال سلاح جديد بمواصفات متطورة لقطاع غزة، وبين المنظومات التي وصلت: صواريخ مضادة للطائرات، صواريخ مضادة للدبابات. نتائج الصواريخ.

.إرباك وتخبط التسريبات الواردة من التقرير السنوي الدوري الذي أصدره جهاز الأمن الداخلي الصهيوني، رسم صورة تشير إلى أن حركة حماس قامت بتوسيع جهودها من أجل بناء ماكينة حربية قادرة على تلبية متطلبات الدخول في حالة المواجهة الشاملة مع الكيان، ومن أبرز النقاط التي أشار إليها التقرير بهذا الخصوص أن العام 2007 المنصرم، شهد إطلاق حركة حماس وشركائها في مسيرة المقاومة 1300 صاروخ من طراز قسّام، و1700 مقذوفة مورتر من داخل قطاع غزة، وبلغ معدل الصواريخ والمقذوفات التي تم إطلاقها من داخل القطاع إلى الكيان 8.2 صاروخ يومياً، ووصل إجمالي هجمات المقاومة 2946 هجمة، ويقل هذا العدد بـ9 هجمات على إجمالي هجمات العام 2006، ويتضمن هجوماً استشهاديا واحداً في أم الرشراش (إيلات)، إضافة لثلاث هجمات استشهادية أخرى تم اعتراضها عند لحظة التنفيذ.ويشير التقرير “الهام” إلى قيام حركة حماس بتهريب 80 طناً من المواد المتفجرة من أجل استخدامها في تجهيز الصواريخ والمتفجرات والمقذوفات، بما فيها متفجرات الطرق لاستخدامها في حال قيام الجيش باقتحام قطاع غزة، وتجاوز نشاطها لقطاع غزة وامتد للضفة الغربية، حيث تقوم حالياً بجهود بناء ماكينتها الحربية الأخرى،

وحالياً يتم تدريب عناصر في الضفة الغربية على عمليات تصنيع وإطلاق صواريخ القسّام، وغيرها من أسلحة الهجمات ذات الطابع الانحنائي –على حد وصف التقرير.كما أكد أن الجنرال احتياط “يعكوف عميدرور” المسئول السابق لوحدة الاستخبارات العسكريّة أن كل المحاولات التي بذلت لمواجهة حماس قد باءت بالفشل، مشيراً إلى أن هذا ما كان متوقعاً لإستراتيجية من هذا النوع، مبيّنا أن النتائج الأبرز لما حصل هي تعزيز قدرات حماس التي ستتمكن عبر الحدود التي فتحت مع مصر من تعزيز ترسانتها العسكرية والتحول من جناح عسكري إلى جيش فعلي.وجاءت تحذيرات سلاح الجو الصهيوني لطائراته بإمكانية وقف طلعاتها الجوية في سماء قطاع غزة، خوفاً من استهدافها من المقاومة، لتشكل تتويجا لتهديد الصواريخ، لاسيما وأن هذا الأمر يأتي تخوفا من إصابة هذه الطائرات بصواريخ جديدة مضادة لها، تم تهريبها إلى قطاع غزة، وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس استهدفت مؤخرا طائرات الاحتلال بالرشاشات الثقيلة وأرغمتها على التراجع.وبالتالي أثار تكرار سقوط الصواريخ على مدن فلسطين المحتلة 48 وخاصة عسقلان، في الأشهر الأخيرة، غضب الكثير من المحللين العسكريين والمتخصصين بالقضايا الأمنية، ومن هؤلاء “د.غابي أفيتال” الأكاديمي المتخصص في هندسة الصواريخ والمحاضر في أكاديمية الطيران التابعة لسلاح الجو، الذي قال أن خبر سقوط صواريخ القسام على مدينة “كفار سابا” في أقصى شمال فلسطين مجرد مسألة وقت، لأنني سبق وأن حذرت أن من يعلن “الهروب” من مستوطنات غوش قطيف وسط غزة، دون مقابل وبلا خجل، سيحصل على صواريخ القسام شمال شمال فلسطين، سواء مع جدار الفصل أو بدونه، ومع الكثير من العار!! فيما عبر رئيس بلدية عسقلان “روني متسري” عن غضبه بقوله: لقد نشأ وضع جديد لم نعرفه من قبل ولا نريد ذلك، فمدينة يعيش فيها نحو مائتي ألف شخص يجب ألا تكون في مرمى صواريخ القسام، وجاء اعتراف الوزير السابق “إسحق كوهين” الذي يسكن عسقلان صارخا بقوله: “الفلسطينيون تجاوزوا الحدود منذ زمن، للأسف هذه حرب، ويجب التفكير بهذا الوضع الجديد”.فيما دخل المراسل العسكري “عمير ربابورت” بتفاصيل دقيقة ليحدد إيجابيات الصاروخ بقوله: رغم أن هناك أجيالا تكنولوجية طويلة تفصل بين السلاح الدقيق الذي يستخدمه الجيش، وبين القذيفة “البدائية” التي تطلقها حماس على عسقلان، إلا أنها في نظرها قنبلة ذكية، بفضل قوتها النفسية، لأن قذيفة واحدة أدخلت عشرات آلاف الإسرائيليين إلى دائرة الرعب!وعبرت رئيسة اللجنة البرلمانية المعنية بمراقبة شؤون الدولة، عضو الكنيست “مالي بوليشوك” عن تحذيرها من انعدام وسائل الوقاية من الصواريخ الذي سيعرض حياة السكان اليهود للخطر، ويشكل تقصيرا خطيرا، خاصة وأن الجيش والدوائر الأمنية ذات الشأن، لم تتخذ التدابير اللازمة لضمان توفر وسائل دفاعية في التجمعات الاستيطانية القريبة من قطاع غزة لحماية المستوطنين من الهجمات الصاروخية

.الغريب في الأمر، أنه بالرغم من الاعترافات الصهيونية المتلاحقة من مسئولين رسميين وكتاب رأي وجنرالات عسكريين، بفداحة الخسائر التي تكبدها الكيان الصهيوني من هذه الصواريخ –على بساطتها- إلا أن المنظومة الفلسطينية التي تتمسك بمشروع التسوية، ممثلة برئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته سلام فياض، وغيرهما من الجوقة المحيطة بهما، ما زالوا يطلقون عليها أبشع الأوصاف وأسوأ النعوت، بدأت بوصفها بالصواريخ العبثية تارة، وتارة أخرى بالأنابيب الكرتونية، وأخيرا بالمفرقعات الطفولية!! القسامية والقبة الحديدية…محاولات لشل الصواريخ >رغم أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية تعتبر من المؤسسات الأبرز على مستوى العالم في هذا المجال، وتصدر كميات هائلة من الأسلحة، وتنتج سنويا العديد من الأجهزة التقنية، إلا أن صواريخ المقاومة بقيت بدون “علاج” حتى كتابة هذه السطور، فقد أكد “ألون بن دافيد” المحلل العسكري في مجموعة “جينز انفورميشن”: ليس هناك سبيل عسكري فعال للتعامل مع صواريخ المقاومة الفلسطينية، تعلمنا ذلك من سنوات الحرب في لبنان، لتوقف هذه الصواريخ يتعين أن تسيطر على الأرض، المشكلة مع صواريخ غزة أنها تهدد باستدراج “إسرائيل” إليها، وتقترب الضفة الغربية من خلال صواريخ القسام التي يبلغ مداها حاليا عشرة كيلومترات من معظم المنطقة الساحلية المكتظة بالسكان، كما أنها مليئة بالمستوطنات التي تشكل أهدافا أقرب. >وطالب قائد الجبهة الداخلية اللواء “إسحاق غرشون” بأن الجيش الصهيوني بحاجة ماسة وعاجلة لأكثر من 20 مليون دولار من أجل إكمال جهاز الإنذار المبكر، وجهاز الصوت، وتحصين مباني المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، وهذا المال مطلوب للتحصين الفوري للمؤسسات التعليمية المحيطة بالقطاع التي أصبحت في مرمى صواريخ القسام، وإكمال مركبات صفارات الإنذار والبث عبر جهاز الإنذار المبكر المعروف باسم “فجر أحمر”. علما بأن الجيش قام بتطوير سوار دفاعي للأبنية في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، أطلق عليه اسم “القسامية”، بحيث سيتم البدء بحملة تحصين واسعة النطاق في القواعد العسكرية القريبة من الجدار الحدودي مع غزة و12 مستوطنة في النقب الغربي، وقد أشرف على هذا الاختراع المقدم “ميشيل ليفي” رئيس قسم البناء التابع للجيش في المنطقة الجنوبية، الذي أوضح أن هذه “القسامية” عبارة عن تحصين للأبنية التي تنتجها الشركة الموردة للمباني المتنقلة في الجيش المعروفة باسم “الكرفانات”، لاسيما وأن معظم هذه المباني في القواعد العسكرية والمستوطنات أبنية خفيفة وأسقفها مصنوعة من الصفيح، مما يشكل خطرا حقيقيا على من يسكنونها، وهذه “القسامية” تشمل سقفا من الباطون المسلح من النوعية الأفضل في العالم.

وكان آخر ما تفتقت به القريحة الصهيونية الفكرة التي اقترحها الوزير “مئير شتريت” لمواجهة الصواريخ، ويستند اقتراحه إلى فكرة أن الصاروخ ذو ضجيج معنوي وقليل الأثر ماديا، ولذلك بوسع دولة الاحتلال أن تبدأ بإنتاج صواريخ قسام إسرائيلية أكثر نجاعة ودقة من القسام الفلسطيني، وشرح الفكرة بقوله: علينا بمبالغ ضئيلة إقامة خط إنتاج لقسام “إسرائيلي” يكون أكثر دقة، أكثر تطورا، أبعد مدى وأقل كلفة من المدفعية التي نطلق نارها، وأضاف: نحن نخرج مع قسام يحدث ضجيجا وجلبة مع قليل من المتفجرات الناجعة، ويمكننا أن نرد على كل قسام بعشرة أو مائة صاروخ قسام، نطلقها إلى مراكز مدنهم، والساحات والطرقات، وسيكون خوف شديد هناك ويكون ضغط على المقاومة من السكان لوقف نار القسام. وفور تسلمه لحقيبة وزارة الحرب، أعلن “إيهود باراك” عن خطة عسكرية يجري الإعداد لها وتنفيذها المسماة “القبة الحديدية” أو الفولاذية، وبموجب هذه الخطة فإن أمام الكيان الصهيوني خمس سنوات لإبطال مفعول صواريخ المقاومة، الأمر الذي قابله المحللون العسكريون بنوع من السخرية، لاسيما وأن هذه الفترة ليس هناك من ضامن ألا تقوم فيها قوى المقاومة بتطوير مماثل لصواريخها..وبالتالي تصبح المسألة –كما أطلقوا عليها- عبارة عن سباق مع الزمن، بين الكيان والمقاومة! الرد الأمثل على كل ما ورد من مقترحات عسكرية ومخططات ميدانية تقدمها المؤسسة العسكرية لمواجهة صواريخ المقاومة، جاء على لسان الكاتب البارز “أوري مسغاف” حين عنون مقاله بعبارة: حين تراجع أمل وقف صواريخ القسام.. تضاعف إطلاقه بنسة 100%

المصدر: المسلم