أهداف استراتيجية إسرائيلية في مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية
صالح النعامي
في ظلّ المواجهة الجارية حاليًا بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي قد يمثل الكشف عن تعطيل خط “إيلات عسقلان” لنقل النفط واشتعال النيران فيه حتى الآن، بعد إصابته بصاروخ للمقاومة الفلسطينية مساء أمس، وفق ما كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أحد سيناريوهات الرعب التي ظلت تل أبيب تخشى مواجهة تبعاتها كنتاج لجولات التصعيد مع المقاومة.
وقد أصيب الأنبوب الحيوي عند إطلاق المقاومة صواريخها على منطقة “عسقلان”، التي تبعد حوالي 20 كيلومترًا شمال قطاع غزّة. وتتمثل خطورة هذا التطور بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي في أنّ خط “إيلات عسقلان” يعد أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي تراهن عليه في تطوير مكانتها الإقليمية وتحسين أوضاعها الاقتصادية. فقد توصلت إسرائيل إلى اتفاق مع الإمارات يقضي بنقل النفط الإماراتي إلى أوروبا عبر هذا الخط، وهو الاتفاق الذي فتح المجال أمام للحديث عن بدائل يمكن أن تعرضها إسرائيل عن قناة السويس بالتعاون مع أبوظبي، لا سيما بعد حادثة جنوح السفينة في القناة قبل شهرين.
وعرض “مركز أبحاث الأمن القومي” أخيراً عدداً من المشاريع التي يمكن لإسرائيل أن تدشنها لتكون بديلاً عن قناة السويس. ويستند أحد هذه المشاريع إلى توسيع دور خط “إيلات عسقلان”. ونظرا لأن مسار هذا الخط سرّي، وترفض الرقابة العسكرية الإسرائيلية تقديم أي معلومات بشأنه، فإن ذلك يطرح السؤال التالي: هل أصابت المقاومة الفلسطينية الخط بشكل مقصود أم كان ذلك بمحض الصدفة. من الواضح أنه في حال تبين أن الأنبوب قد أصيب بشكل مقصود، فإن هذا قد يعني أن لدى المقاومة في غزة صواريخ دقيقة، تمكنها من إصابة الأهداف بدقة.
لكن حتى بمعزل عما إذا كانت إصابة الأنبوب مقصودة أو جاءت بالصدفة، فإن هذا لا يقلص من مستوى المخاطر التي تتعرض لها المشاريع والبنى الاستراتيجية في العمق الإسرائيلي نتاج إطلاق الصواريخ. فالعشرات من هذه المرافق الاقتصادية ذات الأهمية الاستراتيجية تقع في مرمى صواريخ المقاومة في غزة، لا سيما أكبر محطة لتوليد الكهرباء في إسرائيل، التي تقع على بعد أقل من 20 كيلومتراً شمال غزة، فضلاً عن تجمع مصانع البتروكيماويات في ميناء “أسدود”، على بعد أقل من 40 كيلومترًا من القطاع. فإصابة محطة توليد الكهرباء يسلم إسرائيل إلى ظلام دامس لفترة طويلة؛ كما أن استهداف مجمع البتروكيماويات يعني تغطية منطقة وسط إسرائيل بسحب كبيرة من الغازات السامة، مع كل ما ينطوي عليه الأمر من تهديدات لمئات الآلاف من المستوطنين. في الوقت ذاته، فإن منطقة تل أبيب ومحيطها تضم معظم المرافق الاقتصادية والحيوية ذات الأهمية الاستراتيجية التي توجد في منطقة محدودة جغرافيا، مما يزيد من خطر إصابتها جراء القصف الصاروخي، حتى لو كان عشوائيًا وغير مقصود.
وفي محيط قطاع غزة، وتحديدًا في منطقة النقب توجد أهم المرافق العسكرية، خصوصًا المطارات والقواعد الجوية، التي تحتضن الطائرات الأكثر تطورًا، والتي تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة، وضمن ذلك طائرات “إف 35″، مما يعني أن إصابة هذه القواعد يمكن أن يمس بالقدرات العسكرية والعملياتية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. حتى بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على القطاع لم تتمكن المقاومة من إصابة أهداف استراتيجية لإسرائيل، أو على الأقل لم تعلن تل أبيب عن ذلك؛ فهل تفتح إصابة “أنبوب إيلات عسقلان” صفحة جديدة في المواجهة بين المقاومة والاحتلال؟
المصدر: العربي الجديد