من يريد تعكير العلاقات الجزائرية ـ التركية ؟

محمد إبراهيم

نشرت جريدة الخبر مقالة تقول فيها أن مصادر مطلعة أوردت أنباء حول بوادر أزمة بين الجزائر وتركيا، على خلفية معلومات تقول ذات المصادر إنها “مؤكدة وموثقة”، حول لقاأت تمت بين ممثلين عن السلطات التركية وممثلين عن تنظيم “حركة رشاد” المصادر أفادت بأن “اجتماعات رسمية جمعت في مناسبتين ممثلين عن الحكومة التركية بعناصر من حركة رشاد” بمدينتي إسطنبول وأنطاليا، مخبرة عن أن موضوع اللقاءات تمحور حول توفير الدعم اللوجيستي والسياسي بهدف “تقوية التنظيم وتمكينه من الشارع الجزائري”.

وأبرزت المصادر أن ما حدث فوق الأراضي التركية، و”انتهى إلى علم السلطات الجزائرية”، حيث توقعت أنيؤديذلك إلى توتر العلاقات بين البلدين وهي علاقات قد تبدو في نظر الكثير من المراقبين “في أحسن أحوالها”. وبحسب مصادر “الخبر”، فإن النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، يكون قد قرر “إضافة على القائم هدفا جديدا في شمال إفريقيا، هو الجزائر، وذلك عبر تحريك الخلايا النائمة لهذا التنظيم”، الذي تصنفه السلطات الجزائرية على أنه الأكثر تطرفا وخطورة على أمن الدول، في “محاولة المناورة والتدخل عن بعد في الشأن الداخلي للجزائر وبالتالي زعزعة استقرارها”.

وتعترف جريدة الخبر بأن الأمر غريب جدٱ في ظل العلاقات الحسنة التي تربط بين البلدين : وما يثير الاستغراب أن قراءات المراقبين الجزائريين وحتى الأجانب، كانت ترى في العلاقات الثنائية بين الجزائر وأنقرة مضربا للمثل في التشاور السياسي والتنسيق الأمني وتبادل الزيارات والتعاون الذي يشمل عدة قطاعات استراتيجية وفي مجال البنى التحتية، وأن العلاقات بين الطرفين “تتمتع بصحّة جيّدة”، غير أن الوقائع المشار إليها سابقا، تؤكد حقيقة مغايرة تماما.كما أن التواصل المستمر بين الرئيسين عبد المجيد تبون ورجب طيب أردوغان، يفتح الباب واسعا أمام الاستغرا منالأسباب التي أشعلت “الفتنة” بين البلدين.

الغريب أنه لم يجدر في بال صاحب المقالة أن ما يسميه مصادر موثوقة ربما تكون مرتبطة بجهات داخلية وخارجية يزعجها التقارب الجزائري التركي على خلفية التطورات التي يشهدها الملف الليبي وفي ظل تنامي التعاون الإقتصادي بين البلدين والأغرب في القصة أن تخرج مثل هذه الإتهامات لتركيا في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية توترٱ جديدأ وفي الوقت الذي بات فيه دور المخزن المباشر في تأجيج الحراك وتوجيهه لضرب إستقرار الجزائر أمرٱ واضحٱ عبر تجنيد بعض العملاء الذين ينشطون على اليوتوب وربما المقصود من هذه الحملة الموجهة ضد تركيا هو تحويل أنظار الجزائريين من المخاطر الحقيقية التي نهدد الأمن الفومي على أصعدة متعددة : أمنية وسياية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية.

ومهما كانت المصادر التي تحاول تعكير العلاقات الجزائرية ـ التركية يبقى من المؤكد بأن دولة بحجم تركيا لن تضحي بعلاقاتها الإستراتيجية مع دولة محورية في المنطقة مثل الجزائر مقابل عيون جماعة سياسية ضالة لا يتجاوز عدد ٱعضائها بعض العشرات من الناشطين الذين يستغلون تعاون الشبكات الأخرى المتواجدة داخل الحراك الجديد. التركيز على الجانب الإستراتيجي لا يعني إغفال الجوانب الأمنية الأخرى التي يجب متابعتها من طرف الأجهزة المختصة دون تضخيمها فعلى سبيل المثال لا نستغرب إتصالات ما بين المخابرات التركية وعناصر من جماعة رشاد لأن هذا الأمر طبيعي ويدخل في إطار المهام الإستخبارية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية عبر العالم ولا يمكن وصف تلك الإتصالات بالعدوانية ما دامت الدولة الجزائرية لم تصنف الى يومنا هذا وبصفة رسمية جماعة رشاد ضمن المجموعات الإرهابية.