إنتفاضة شباب ورقلة وتقرت و المنيعة من أجل التشغيل و التنمية
محمد إبراهيم
تشهد ولاية ورقلة منذ عدة أيام إنتفاضة شبانية من أجل إخراج ملف التشغيل من أدراج البيروقراطية المحلية في ظل تعتيم إعلامي شبه كامل. ذلك الملف القديم الذي يتسبب في إندلاع الإحتجاجات الإجتماعية كل سنتين وكل مرة تتعهد السلطات بحل المشكلة دون أن تفي بوعدها. ومثل كل مرة تؤدي الإحتجاجات وما يرافقها من أعمال شغب مثل غلق الطرق وحرق العجلات الى إشتبكات عنيفة مع قوات الشرطة والدرك الوطني. ومثلما كان متوقعآ أدت عمليات القمع الى تصعيد في الموقف وتوسيع رقعة الإحتجاجات التي طالت عدة بلديات وولايات جنوبية أخرى مثل ولاية تقرت و ولاية المنيعة.
يخطئ الإنسان الذي يرى في مثل هذه الإحتجاجات مجرد إحتجاجات إجتماعية. صحيح أن مشكلة الشغل تشكل المحرك الرئيسي لهذه الإحتجاجات المتكررة لكن المراقب الذي يتمعن في هذه المسألة سيجد نفسه أمام معضلة سياسية خطيرة للغاية يمكن تلخيصها في الممارسات التمييزية التي تقوم بها بيروقراطية فئوية وجهوية تتعامل مع سكان المنطقة بذهنية تشبه للأسف الشديد ذهنية المستعمر البغيض.
مثل هذه الممارسات الدنيئة ليست ظواهر معزولة وإنما هي نتيجة نموذج تنموي مركزي ورثته الدولة الجزائرية المستقلة عن المستعمر والأمر الذي ساهم في تفاقم هذا المشروع هو تحكم أقليات ثقافية إيديولوجية في مرافق الدولة العميقة مما يسمح لها باحتكار المناصب والثروات.
إنتفاضة شباب ورقلة وتقرت والمنيعة من أجل التشغيل و التنمية لن تكتمل إلا عندما يعي شباب الجنوب وشباب الهضاب و جميع المناطق المهمشة بأنه لا تنمية حقيقية بدون إعادة هيكلة جذرية للدولة الجزائرية حسب ما تقتضيه الحقائق الجغرافية و الديغرافية في هذا الوطن القارةٍ.
وإذا كانت السلطة متخوفة فعلآ من إختراق مثل هذه الحركات الإجتماعية من طرف أعداء الجزائر وأذنابهم في الداخل الحل ليس في القمع إنما في إصلاح المنظومة الإدارية القائمة بالدخول فورآ في نظام لامركزي يضمن بروز نخب جديدة وأصيلة يقوم السكان بانتخابها مباشرة ليتسنى لهم مراقبتها عن قرب وتغييرها عند الضرورة.