عدوان صهيوني لمنع الوحدة الفلسطينية!
بقلم سليم قلالة
يحِقُّ للكيان الصهيوني أن يَستبِق أي استعداد دفاعي للفلسطينيين بالضرب مباشرة وبكافة الوسائل العسكرية، في حين لا يحق للفصائل أن تقوم بالرد على مثل هذا الاعتداء. منطقٌ للأسف لا يدافع عنه الإسرائيليون فحسب، بل عدد كبير من الدول الغربية، والأخطر والأغرب من ذلك عدد من المُطَبِّعين العرب! وكأن هذا الكيان لا يحتل بلدا بكامله، ولا يُحاصِر شَعبًا في أرضه، ولا يَظلم الآلاف من أبناء هذا الشعب بقتلهم وتعذيبهم وسجنهم في أقسى الظروف غير الإِنسانية.
وهذه المرة يَبتكر هذا الكيان وسيلة أخرى لشق الصف الفلسطيني بزعم ضرب قواعد الجهاد الإسلامي من دون حماس، وبزعم أنه يحتفظ بحق المهاجمة الشاملة إذا ما تدخلت قوات هذه الأخيرة.
حيلة أخرى، وتكتيك آخر لتقسيم الفصائل الفلسطينية ولبثّ الشكوك بينها ووضعها ضمن وضع غير ملائم للمقاومة بنفس الطريقة التي تم بها إيجاد شرخ بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ومكونات منظمة التحرير الفلسطينية الأخرى وبخاصة حركة فتح، وهو ما يُبَيِّنُ مدى خوف السياسة الإسرائيلية من وحدة الفلسطينيين، فبمجرد أن تم التقارب بين حركة حماس بقيادة إسماعيل هنية والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس في لقاء الجزائر، حتى دبّ الشك لدى الإسرائيليين بإمكانية عودة الوحدة للفلسطينيين بكافة توجهاتهم، الأمر الذي يعني تغيّرا كبيرا في طبيعة المعركة وإمكانية حدوث تحول استراتيجي بها.. لذلك كان هذا التصعيد اليوم بهدف كسر بشائر الوحدة ووضع لنفسه غطاء استهداف الجهاد الإسلامي دون غيره من فصائل المقاومة وبخاصة حماس حتى تبدو هذه الأخيرة أنها دخلت صف المهادنة وستقبل بالشروط الإسرائيلية المفروضة إلى حد الآن على السلطة الفلسطينية.
ولعلَّ هذا هو الهدف الرئيس من العدوان الأخير على قطاع غزة: منع الوحدة. وهو ما ينبغي لفصائل المقاومة ومنظمة التحرير أن تُدرِكَه.
وأحسن تعبير عن هذا الإدراك، أن يتم تعزيز خطوة الوحدة التي تمت في الجزائر بانضمام جميع الفصائل لها وإعلان ذلك في اللقاء المرتقب بالعاصمة الجزائرية قُبيل القمة العربية المقرر عقدها في الفاتح من نوفمبر القادم بالجزائر العاصمة.
لقد بات واضحا اليوم أن الجبهة الداخلية الموحَّدة للفلسطينيين هي التي تُرعِب الكيان الصهيوني، لأنها تعني وحدة الموقف ووحدة الوسائل المسخرة لتحقيق هدف التحرير. وبمجرد أن تتحقق هذه الوحدة ستنهار كل الإستراتيجية الإسرائيلية السابقة والحالية المَبْنِية على مبدأ “فَرِّقْ.. تَسُدْ”، وستبدأ مرحلة التحرير الحقيقية للإنسان والأرض.
ولعل هذا ما ينبغي أن يكون أولوية اليوم، لأن النصر محكوم بقوة الموقف أكثر مما هو محكوم بموقف القوة.
كم كان البَوْن شاسعا بين القوة العسكرية للثورة الجزائرية وقوة العدو الفرنسي المحتل، ومع ذلك انتصرت الثورة التحريرية الجزائرية بفضل قوة الموقف التي جسدتها جبهة التحرير الوطني. ذات الأمر ينطبق اليوم على حركة التحرير الفلسطينية؛ قوة الموقف المُوَحَّد أولى.. وهذا العدوان الأخير إنما استهدفها بالدرجة الأولى وينبغي أن يفشل في ذلك، وتلك مساحة الأمل.
المصدر: الشروق