الخبير في الطاقة مراد برور يؤكد إستحالة تسقيف سعر الغاز

Mourad Preure, expert petrolier international et president du cabinet Emergy ©Lavigne-Lecarpentier-Allard/REA

تزايدت أصوات أوروبية منذ فترة، مطالبة بوضع حد أقصى لسعر الغاز الجزائري وأيضا القادم من دول أخرى تمد القارة العجوز بهذا المصدر الطاقوي عبر خطوط الأنابيب، في عز أزمة الطاقة العالمية التي أججتها الحرب الروسية الأوكرانية.
ومن بين الداعين إلى فرض هذه الخطوة على الجزائر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “إيني” الإيطالية باولو سكاروني، ورئيس لجنة البيئة بالبرلمان الأوروبي، باسكال كونفان وآخرون.
وذكر باولو سكاروني الذي شغل سابقا منصب رئيس تنفيذي لكل من “إينال” و”إيني”، وحاليا يتولى شؤون نادي “آي.سي” ميلان لكرة القدم، وهو نائب جمعية “روتشيلد” وشركاؤه، في مقابلة مع وكالة “جيا” الإيطالية، أنه من الناحية النظرية، الغاز الذي يمكن أن نحدد له سقف أسعار هو الذي يأتينا عبر خطوط الأنابيب، على غرار النرويج والجزائر وليبيا وأذربيجان.
وأضاف سكاورني “لذلك النرويج والجزائر لا يمكنهما بيع هذا الغاز سوى لنا، لأن خط الأنابيب مرتبط بنا فقط (يقصد أوروبا من خلال ايطاليا واسبانيا).. ليس لهم بدائل”.
كما دعا قبل أيام رئيس لجنة البيئة بالبرلمان الأوروبي، باسكال كونفان، المنتمي لحزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى تسقيف أسعار الغاز الذي تستورده أوروبا عبر خطوط الأنابيب، ليس فقط من روسيا، ولكن أيضا من النرويج والجزائر وليبيا وأذربيجان.

في هذا السياق، قال الخبير والإطار السابق في سوناطراك، مراد برور، إن الاتحاد الأوروبي هو من تسبب في هذا الوضع الذي تعيشه القارة، مستبعدا وضع سقف للغاز الجزائري، وحتى لو حدث ذلك، فإن للجزائر بدائل للتسويق. وذكر المحلل برور في تصريح هاتفي لـ”الشروق”، أن الاتحاد الأوروبي هو من تسبب في إحداث اضطراب في سوق الغاز بقرار منه عام 1995 بخلق سوق ثانية لهذا المصدر الطاقوي، وهو السوق الحرة، ليضاف إلى سوق العقود الطويلة.
وأوضح برور أن سوق العقود الطويلة كانت بفترات تصل إلى 25 سنة، مع جعل سعر الغاز مرتبطا بسعر النفط الخام، وأيضا الكميات المتعاقد عليها إن لم يأخذها الزبون فهو مطالب كذلك بدفع ثمنها وفق مبدأ “خذ أو ادفع”.
ووفق برور، فإن السوق الحرة صارت شيئا فشيئا هي التي توجه السوق الطويلة لعقود الغاز، وبذلك وصلت الأمور إلى الوضع الحالي بأسعار مرتفعة جدا وعلق بالقول “أوروبا هي ما تسببت في الوضع الذي تعيشه حاليا”. واستبعد مراد برور تسقيف الغاز الجزائر الموجه إلى القارة العجوز، لأن الأوروبيين في مفاوضاتهم مع الجزائر لا يستطيعون توجيه الأوامر، بل يلتمسون ذلك ويطلبون التفاوض إن كان ذلك رسميا.

واستدرك برور بالقول “يمكننا أن نوجه الغاز الجزائري نحو الهند أو أسواق أخرى، لأننا لدينا قدرات كبيرة في التسييل”.
وأضاف “حتى لو أرادت أوروبا فرض تسقيف سعر الغاز يمكن للجزائر تقليص الإمدادات عبر الأنابيب كما حدث مع اسبانيا ونوجه القدرات نحو التسييل وتسويقها في بلدان أخرى”.
واعتبر الإطار السابق بسوناطراك أن هذه الأصوات في أوروبا، سببها الغلاء الفاحش الذي مس الصناعيين والسكان على حد سواء والتضخم الذي رافق ذلك، موضحا أن السياسيين الأوربيين يحاولون تهدئة الأمور وسط السكان والصناعيين بالحديث عن تسقيف أسعار الغاز.
وتابع “الجزائر لديها مصالحها وهذه تجارة ويجب الاستفادة قدر المستطاع من الظرف، وبين ما يريده الأوروبيون وما يستطيعون فعله مع الجزائر فرق كبير جدا”. وقال إن “أوروبا الآن بين المطرقة والسندان، فمن جهة الغلاء والتضخم وندرة الغاز ومن جهة أخرى ضغط الصناعيين والسكان”. وختم برور بالتأكيد على انه من الخطأ القول بأن الجزائر ليست لديها بدائل لتسويق الغاز عبر الأنابيب، لأن الاتفاقيات تسمح للغاز حتى بالمرور على دول أوروبية أخرى وليس بالضرورة اسبانيا أو ايطاليا.