كيف كان رد عثمان سعدي على أمين الزاوي

بقلم عثمان سعدي

   استمعت إلى الدكتور أمين الزاوي في قناة النهار بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية حيث قال كلاما غريبا.. للقارئ الكريم أنني عرفت في التسعينيات من القرن الماضي أمين الزاوي كمحب للغة العربية حيث ترأس فرع الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية في وهران. لكن عندما أخذ منحة في باريس وحصل على الدكتوراه ـــ يقال أن المنحة التي حصل عليها من صندوق سلمان رشدي صاحب آيات شيطانية ـــ عاد للجزائر كإنسان آخر يشكك في أحقية اللغة العربية في أن تأخذ موقعها الذي اختاره الله لها بالجزائر. ونعود لما قاله:

   * أدلجة التعريب: نعم التعريب هو أيديولجية الجزائر مند نجم شمال إفريقيا وحزب الشعب وجمعية العلماء. والفتنمة أيديولجية الفييتنام، والكورنة أيديولجية كوريا، والبهاسا إيديولجية أندنوسيا…

   * يقول الزاوي بأن المعلمين المصريين شوهوا بالدين أفكار الأطفال الجزائريين، غريب هل الدين يشوه أو يحسّن… ليكن في علم ألزاوي أن المسيحيين العرب خدموا العربية، أجمل بيت قيل في اللغة العربية قاله الشاعر العربي المسيحي المغترب جورج عساف حيث يقول مخاطبا العربية:

       أفديكِ من لغة أحببتها وطنا      فإنما لغتي في غربتي وطني

مَكْرم عبيد باشا القبطي السياسي الكبير في حزب الوفد المصري الذي عرفته شخصيا يقول: “نحن مسلمون وطناً ونصارى ديناً، “. جورج عساف ومكرم عبيد والكثير من المسيحيين العرب هم أكثر وطنية من الفرنكفونيين الجزائريين…

أما عن المعلمين المصريين فقد طلب سنة 1962 حبيب اللغة العربية أحمد بن بله من جمال عبد الناصر مد الجزائر بمعلمين مصريين للمساهمة في تعريب التعليم في الجزائر، فأمر عبد الناصر بأن يُختار خيرة المعلمين لإرسالهم للجزائر وبأن يستمروا في تناول مرتباتهم في مصر حتى يتركوا عائلاتهم بها تجنبا لتكليف الدولة الجزائرية بأعباء السكن العائلي، وأدى هؤلاء المعلمون دورهم مع إخوانهم من سأئر الأقطار العربية التي هبت نتيجة لاجتماع اتحاد المعلمين العرب في بيروت سنة 1963 من أجل مساعدة الجزائر في التعريب، وقد ترأس وفد الجزائر المرحوم علي مفتاحي من وهران الذي طلب باسم الجزائر معلمين لمساعدتها على تعليم اللغة العربية في المدارس الجزائرية. وهب المعلمون من سأئر الأقطار العربية من الكويت مثلا، ومن العراق ومن سوريا ومن السعودية ومن اليمن وغيرها من البلدان العربية، وأذكر أن رئيس جمهورية العراق أحمد حسن البكر كان يفتخر بأن ابنته ساهمت في عملية التعريب في الجزائر. ليعلم الزاوي بأن العديد من المعلمين العرب المسيحيين ساهموا في عملية التعريب. هؤلاء المعلمون العرب أطّروا آلاف المعلمين الجزائريين الذين كونتهم مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، هذه التي علّمت أربعين ألف طفل وطفلة العربية بين 1931 و1962.

   * يقول الزاوي بأن عيب التعريب أن العربية جاءت على حساب الأمازيغية، غريب أمر هذا الرجل الذي هو عربي وأنا أمازيغي أنتمي إلى أكبر قبيلة أمازيغية وهي قبيلة اللمامشة. هذه النغمة أوجدها الفرنسيون بعد 1830 ، قبل هذا ألتاريخ من الفتح الإسلامي وحتى الحكم العثماني في القرن السادس عشر الميلادي تداولت على حكم المغرب العربي ثلاث عشرة أسرة أمازيغية ابتداء من الدولة الرستمية التي كانت أعظم دولة، لم يحدث أن قال أمير من أمرائها أن العربية ليست لغتي بل خدموا اللغة العربية كابن معطي الزواوي الذي نظم النحو العربي في ألف بيت سابقا ابن مالك بمائة سنة، وليكن في علم الزاوي أن البُصيري صاحب قصيدة البردة المشهرة أمازيغي قبائلي مولود في مدينة دلّس، البُرْدة التي يتغنى بها مليار ونصف المليار مسلم. الفرنكفونيون يضربون العربية بالأمازيغية خدمة للغة الفرنسية لا للغة الأمازيغة.

   *ـ يقول الزاوي بأن بالجزائر ثلاث  لغات لا بد من الاعتراف بها كلغات رسمية هي الفرنسية والعربية والأمازيغية، وهذا الرأي مستمد من نظرية الاستعمار الفرنسي الجديد الذي يقول بأن في المغرب العربي أربع لغات هي العربية الفصحى ، والعربية الدارجة، والفرنسية، والأمازيغية، بينما يرى الفرنسيون أن في فرنسا لغة واحدة هي الفرنسية متجاهلين ست لغات جهوية بفرنسا رافضين الاعتراف بها بحيث وزير الخارجية الفرسي السابق شوفينمون يصرح بما يلي: “الاعتراف باللغات الجهوية معناه بلقنة فرنسا أي تدمير الوحدة الوطنية الفرنسية” وهذا رأي الفرنسيين الوطنيين أسياد الفرنكفونييين الجزائرييين.

   *ـ يشير الزاوي إلى الروائي الجزائري الأصيل مالك حداد الذي قال فيه الكاتب الفرنسي الكبير لوي أراغون: “أعذب شعر فرنسي قرأته ما نظمه مالك حداد”. فيجيبه مالك حداد بما يلي: “أنت مخطئ يا أراغون أنا لا أغني بل أرطن، لو كنت أعرف الغناء لغنيت بالعربية.. الفرنسية فرضت علي أن أنادي أمي ما مير بدل يمّا.. الفرنسية ليست لغتي بل هي منفاي”. مع العلم أن مالك حداد قبائلي أمازيغي لكن الزاوي عربي… مالك حكم على نفسه بعد الاستقلال ألا يؤلف بالفرنسية لأنه يرى أن التأليف ينبغي أن يكون بالعربية في الجزائر المستقلة. علما بأن كاتب ياسين الفرنكفيلي عربي وليس أمازيغيا…

   ـ* يعيب الزاوي على التعريب أن الجيل الجديد لا يحسن العربية، المذيعون والمذيعات الجزائريون بالفضائيات العربية يحسنون العربية أفضل من زملائهم العرب وقد درسوا في المدرسة الجزائرية، قامت الفضائية الأمريكية س ن ن ِCNN باستقصاء عن أفضل مذيعة عربية شارك فيه عشرات المذيعات من الأقطار العربية وفازت خديجة بن قنّة الجزائرية على الرتبة الأولى وهي متعلمة في المدرسة الجزائرية. الضعف في تعلم لغة المدرسة يشكو منه حتى المعلمون الفرنسيون نتيجة لسطوة التلفزة والأنترنيت على وقت التلميذ ، فمعلمة فرنسية تقول إنها تلقت رسالة من تلميذة لها نجيبة كتبت فارماسي بالــ f وليس بالــ ph

   خلاصة القول: نقول لأمين الزاوي ولغيره من الفرنكفونيين الجزائريين: مارسوا حياتكم بالفرنسية فأنتم أحرار، لكن لا تفرضوها على الشعب الجزائري الذي عانى ما عانى من ذويها قرنا وثلث قرن. نحن دعاة العربية نقرأ بلا تعصب الكتب بالفرنسية كلغة إنسانية لغة فولتير ولا لغة لاكوست. ليكن في علم الزاوي الذي يكتب روايات له بالفرنسية أن الكتاب الفرنسيين يكتبون رواياتهم بالفرنسية وتترجم للغات العالم.