الحكم بالسجن ثلاثة سنوات نافذة في حق الصحافي إحسان القاضي
الموقف ـ قضت محكمة سيدي أمحمد بوسط العاصمة يوم الأحد، بالسجن خمس سنوات منها ثلاث نافذة في حق الصحافي الموقوف منذ ديسمبر الماضي إحسان القاضي، بتهمة تلقي أموال من الخارج، وذلك بعد محاكمة قاطعتها هيئة الدفاع. وأصدر القاضي في جلسة علنية حضرها إحسان القاضي حكماً بـ” ثلاث سنوات سجناً نافذاً وسنتين سجناً غير نافذ وغرامة مالية قدرها 700 ألف دينار (نحو 4800 يورو)”. وفور النطق بالحكم، رفع الصحافي يده في السماء بإشارة النصر قبل ان يتم إخراجه من القاعة.
و”سيتم استئناف الحكم في الآجال المطلوبة بحسب الاتفاق المسبق مع موكلنا“، بحسب ما أكد لوكالة فرنس برس المحامي عبد الغني بادي أحد أعضاء هيئة الدفاع التي قاطعت جلستي المحاكمة والنطق بالحكم احتجاجا على “عدم توافر ظروف المحاكمة العادلة”.وكانت النيابة قد طلبت في 26 مارس إنزال عقوبة السجن خمس سنوات نافذة بمدير محطة “راديو إم” وموقع “مغرب إيمرجنت” الإخباري، بتهمة “تمويل أجنبي لشركته” بموجب قانون العقوبات. وتتعلق التهمة بالمادة 95 مكرر من قانون العقوبات الخاصة بتلقي أموال من الخارج، وعقوبتها بحسب القانون السجن بين 5 و7 سنوات بحق “كل من يتلقى أموالا أو هبة أو مزية، بأي وسيلة كانت، من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عمومية أو خاصة أو من أي شخص طبيعي أو معنوي، داخل الوطن أو خارجه، قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها …”.
وفي الدعوى المدنية، حكمت المحكمة بحل شركة “أنتر فاس ميديا” الناشرة للوسيلتين الإعلاميتين مع تغريمها مليون دينار (6800 يورو). كذلك حكمت ب”مصادرة الوسائل والمنشآت المستعملة لاستغلال خدمة السمعي البصري غير المرخصة” استناداً إلى قانون السمعي البصري، بعد ان تأسست سلطة ضبط السمعي البصري، وهي هيئة رسمية تراقب عمل القنوات التلفزيونية والإذاعية، كطرف مدني في القضية. أوقف القاضي في 29 ديسمبر في إطار تحقيق في جمع تبرعات غير مشروعة. وقالت محكمة العاصمة إنه يشتبه بأنه “تلقى مبالغ مالية وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها من أجل الانخراط في أنشطة من شأنها المساس بأمن الدولة واستقرارها”. للإشارة دعا بداية يناير 16 صحافياً جمعتهم منظمة “مراسلون بلا حدود” من دول مختلفة من بينهم حائز جائزة نوبل للسلام دميتري موراتوف، إلى إطلاق سراح القاضي ورفع العقوبات “غير المقبولة” التي تستهدف وسيلتي الإعلام الخاصتين به. وجمعت عريضة أطلقتها المنظمة للمطالبة بالإفراج عن إحسان القاضي أكثر من عشرة آلاف توقيع. كما تشكل فريق دولي من نحو عشرة محامين من فرنسا وبلجيكا وتونس والمغرب وموريتانيا لمساعدة زملائهم الجزائريين في الدفاع عن الصحافي. وقبل يومين من الموعد الأول للمحاكمة التي كانت مقررة في 12 مارس، قرر الصحافي ومحاموه مقاطعتها بعد “الانتهاكات القانونية التي شابت القضية”، وفي غياب “شروط وضمانات محاكمة عادلة”.
ومهما كانت إختلافاتنا الإيديولوجية والسياسية مع القاضي إحسان فإننا نعتبر الحكم عليه بالسجن خرقآ سافرآ في حق من الحقوق التي يقرها الدستور والمتمثل في حرية الإعلام مادام القضاء لم يثبت التهم الواهية التي وجهها له. فأمن الدولة الجزائرية أقوى بكثير من أن تهدده إذاعة محلية أوموقع إلكتروني وأما فيما يخص التمويل الدولي فالأمر لم يكن سريآ حيث أعلنت عنه الهيئة المانحة في تقريرها الرسمي سنة 2014 والسؤال المطروح هو لماذا لم يتحرك القضاء في الفترة بين 2014 و 2022 ؟. وفي هذه الظروف سيشكل هذا الحكم ضربة قاسية لمصداقية الخطاب الرسمي حول الحريات و سيساهم في الإساءة الى صورة الجزائر في الخارج. وللإشارة تحتل الجزائر المرتبة 134 من بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي وضعته منظمة “مراسلون بلا حدود” في 2022.