وجهة نظر خليجية حول القمة العربية ـ الصينية
بقلم د.نجاة السعيد ـ باحثة سعودية
من المفارقات التي حدثت هو تزامن انعقاد القمة الصينية العربية في السعودية مع نجاح سعودي إماراتيٍ دبلوماسيٍ بشأن الإفراج وتبادل مسجونين بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية. ولعل تلك الجهود الدبلوماسية لها إشارات في ميدان العلاقات الدولية أن السعودية والإمارات حريصتان على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، حتى في ظل الحرب الروسية ء الأوكرانية. يتساءل الكثير من الخبراء الأميركيين في الشرق الأوسط خاصة بعد انعقاد القمة الصينية العربية في السعودية، لماذا يغازل حلفاء أميركا روسيا والصين؟
فلو قرأ هؤلاء الخبراء مقالة الرئيس الصيني، شي جينبينغ، التي نشرت في صحيفة الرياض لعرفوا الجواب. لقد سلط الرئيس الصيني الضوء في مقالته على أهم النقاط التي تعني الدول العربية وشعوبها: «إن الشعوب العربية شعوب ساعية إلى التقدم، لما لها من الإيمان بالاستقلال ورفض التدخل الخارجي وعدم الخضوع لسياسة القوة والهيمنة.
فقد أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع الدول العربية على التوالي منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث يتبادل الجانبان الفهم والاحترام والدعم والمساعدة. العلاقات الصينية العربية مبنية على أساس الثقة المتبادلة سياسياً والمنفعة المتبادلة اقتصادياً والاستفادة المتبادلة ثقافياً.» وقد أشار أيضاً إلى العلاقات الصينية ء الخليجية، وأن التبادل التجاري بين الجانبين بلغ 230 مليار دولار أميركي. لكن، هل يعني ذلك أن دول المنطقة بسبب استيائها من التدخلات والهيمنة الغربية ستدير ظهرها للغرب؟ بالطبع لا، فالسعودية، الدولة المضيفة للقمة، تعتبر الصين أكبر شريك اقتصادي لها ووجهة لنحو خُمس صادراتها، لكنها لا تزال تعتبر الولايات المتحدة أكبر شريك أمني لها.
إن الاضطرار إلى اختيار علاقة واحدة على حساب الأخرى ء أو حتى تقليصها بشكل كبير ء سيكون مكلفاً، لذا فإن السعودية، مثل العديد من الدول تسعى إلى الحفاظ على كليهما. يقول بعض المحللين إن الدول التي تسعى إلى الانضمام إلى بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لا يسعون بالضرورة إلى النأي بأنفسهم عن مجموعة السبع أو الناتو أو الأمم المتحدة، لكنهم يريدون بناء نظام متعدد الأقطاب، ويرفضون قيود وإملاأت أحادي القطب. من أفضل نتائج القمة العربية الصينية أنها جعلت أميركا تراجع نفسها، وهذا وجدناه من خلال آراء بعض المحللين السياسيين الأميركيين بمطالبة الولايات المتحدة أن تكون أقل نرجسية وأكثر تعاوناً.
فهناك من طالب واشنطن بدلاً من التركيز على المنتديات الواسعة متعددة القضايا ذات الأطر النظرية مثل قمة الديمقراطيات أو Gء20 أن تقوم بزيادة الشراكات الصغيرة العملية مثل مجموعة ى2U2 التي تضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة وتهدف إلى التعاون في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي. في عصر متعدد الأقطاب، لا تتعامل الدول بمنظور إما كل شيء أو لا شيء، بل تأخذ بمفهوم الحل الوسط (Cومپروميسي) الذي يصب في مصلحة الجميع حيث لا ضرر ولا ضرار.
المصدر : الإتحاد