نشطاء فلسطينيون : “الشعب الفلسطيني يسبق قيادته السياسية بخطوات كثيرة”

في صورة تكاملية لما جرى في قطاع غزة بعد 5 أيام من العدوان الإسرائيلي عليه، وقبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، نظم الفلسطينيون في مدن الضفة الغربية كنابلس ورام الله وحيفا بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، فعاليات متزامنة وموحدة في رسالتها المناصرة لغزة والداعمة لها.المشاركون في تلك الفعاليات أجمعوا على رسائل موحدة أكدوا عليها، أهمها أن الكل الفلسطيني تحت نار الاستهداف الإسرائيلي، وأن الضفة الغربية -كما هي غزة- بحالة اشتباك دائم مع الاحتلال، وأن دماء الشهداء تتوحد معا هنا وهناك وبالتالي فهي توحد الكل الفلسطيني.

ورأى رئيس لجنة الفعاليات الوطنية غسان حمدان، أن الضفة وغزة تعيشان مصيرا مشتركا وعدوانا إسرائيليا واحدا، ولكن للأسف تعيشان “حالة مقاومة فردية”، وأن المطلوب شعبيا الانتقال للمواجهة الشمولية التي تغير السياسات وتسقط الاحتلال. ورسميا، دعا حمدان القيادة الفلسطينية أن تتخذ موقفا موحدا لمواجهة سياسات الاحتلال، وأن تنتقل من “حالة العزلة” التي تعيشها كقيادة وحكومة إلى الارتباط بشعبها، وقال إن “الشعب الفلسطيني يسبق قيادته السياسية بخطوات كثيرة”. وإضافة لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام، يرى حمدان ضرورة قرع جرس الخطر الذي تخشاه إسرائيل والمتمثل في المحكمة الجنائية والملاحقة الدولية لها، وأن هذا الدور منوط بالنظام السياسي الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير محليا وعالميا، ولا سيما السفارات.

أما ماجدة المصري العضوة في القيادة السياسية للجبهة الديمقراطية، فلا ترى أن الضفة تأخرت بنصرة غزة أو مؤازرتها، وأن الاحتلال استطاع لجمها وقلّص دورها النضالي. واعتبرت أن مشهد المقاومة بالضفة وغزة يكمل بعضه، وأن الاحتلال يستهدف الكل، وأن الضفة قدمت نماذج “عرين الأسود” و”كتيبة جنين” وغيرهما من كتائب المقاومة نموذجا موحدا وقدوة في النضال الوطني، وهي حالة تزداد ولا تتراجع رغم محاولات إسرائيل استئصالها. وقالت ماجدة المصري للجزيرة نت إن الكل الفلسطيني يعيش حالة اشتباك دائم وشامل مع المشروع الصهيوني التصفوي للفلسطينيين، وهو الترجمة الحرفية للدول القومية للاحتلال، وأن المقاومة بكل أشكالها مشروعة ولا سيما المسلحة التي تعد من روافع النضال الوطني، “ولكن المطلوب التوحد حولها عبر مرجعية سياسية وحاضنة وطنية من المفترض أن تشكلها القوى الوطنية”.

وبينما اتفق رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، مع المتحدثين حمدان والمصري، في ضرورة أن تتحمل السلطة الفلسطينية الدور الأكبر عن شعبها، رفض التفرقة بين الضفة الغربية وغزة، ولا سيما في الانتصار لغزة، والظهور وكأن هناك تقصيرا في التحرك الشعبي أو المقاومة.وقال البرغوثي إن الشعب الفلسطيني بغزة والضفة واحد، وهو صاحب أرض واحد ونضال مشترك، والكل اليوم متعاطف مع غزة، وأكد أن الضفة الغربية كما هي غزة، “قطعة واحدة”، وتعيشان حالة مقاومة واشتباك مستمرة. واعتبر البرغوثي أن المطلوب بالتحرك الأكبر هو السلطة الفلسطينية التي تظهر نفسها كأنها مهمشة لا شأن لها، وقال “أخطأت السلطة بالذهاب لقمة شرم الشيخ وقبلها العقبة الأخيرتين، وبالتالي عزلوا أنفسهم بهذا الموقف عن الغالبية الساحقة من القوى الوطنية، كما أن إسرائيل تتعمد تهميش السلطة التي يجب أن ترفض ذلك”. والمطلوب برأي البرغوثي، إضافة لأن تكون هناك قيادة فلسطينية موحدة، هو أن تسند المقاومة المسلحة نظيرتها الشعبية التي لا بد من تصعيدها.

وبالمقابل، لا ينكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح حسن أيوب استهداف إسرائيل للضفة الغربية، وخاصة بملاحقتها لبؤر المقاومة وتصفيتها وعمليات اغتيال المواطنين العزَّل، غير أن هذا برأيه لا يعني أنها تلعب الدور الذي من المُفترض أن تلعبه، وأن ردود الفعل أقل ما يقال إنها تثير الاستغراب والدهشة، فضلا عن “عجز الفصائل والسلطة الفلسطينية بشكل غير مسبوق”.ورغم استهداف الاحتلال المقاومة بالضفة الغربية، ولا سيما في مدن جنين ونابلس، فإن أيوب يقول إنه ليس سببا مباشرا لحالة الضعف التي تعيشها عموم الضفة الغربية وظهرت بالانتصار لغزة، لأن الملاحقة الإسرائيلية استهدفت خلايا مقاومة بعينها، وسعت لمنع تمدد الظاهرة والحيلولة دون أن تنتقل إلى رد فعل جماهيري. كما غاب أي تحرك جدي وملموس للقيادة السياسية الممثلة بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وأضعف دور قادة الفصائل في خلق حالة من التحشيد أو التعبئة بين الجماهير. ويرى أيوب أن المطلوب هو خلق حالة اشتباك ومواجهة شاملة مع إسرائيل بكل قواتها وأدواتها، وإرهاب مستوطنيها الذين أجبروا الفلسطينيين على العيش بمعازل. ويجمع المتحدثون على أن وحدة الحال والمقاومة بكل أشكالها بين الكل الفلسطيني هي المطلوبة بالدرجة الأولى، كون “المعركة مستمرة” ولما تنته بعد بالضفة الغربية كما هي بغزة، وإن خفت وميضها بعض الشيء.

المصدر : الجزيرة